المزيد

لوحة سمنة : شاهد على عظمة الدفاع عن حدود مصر

كتبت شيماء طه

عبر تاريخها الطويل، تميزت مصر القديمة بحفاظها على حدودها والدفاع عن أراضيها بكل قوة.

تجسد لوحة سمنة الحدودية، المحفوظة حاليًا في متحف برلين، مثالًا فريدًا يخلد هذه المهمة المقدسة.

إنها ليست مجرد قطعة أثرية، بل وثيقة تاريخية تعبر عن روح الوطنية المصرية ورؤية الملوك المحاربين الذين أدركوا أهمية حماية حدود الوطن وتوسيعها.

التوسع العسكري في عصر سنوسرت الثالث

خلال عصر الدولة الوسطى، تولى الملك سنوسرت الثالث، أحد أعظم الملوك المحاربين، مهمة توسيع حدود مصر الجنوبية. قاد حملات عسكرية ناجحة في بلاد النوبة، حيث وصلت الجيوش المصرية إلى منطقة الجندل الثاني.

لتعزيز سيطرة مصر على هذه المناطق، قام بتشييد سلسلة من الحصون على طول الحدود، وكان أبرزها حصن سمنة، الذي شيد على الضفة الغربية لنهر النيل عند نقطة استراتيجية حددت الحدود الجنوبية لمصر.

حمل هذا الحصن اسم “سخم خع كاو رع”، وهو اسم تتويج سنوسرت الثالث، ليصبح رمزًا لقوة وسيطرة الملك.

من خلال هذا الحصن، تمكن المصريون من التحكم في حركة الكوشيين جنوب النوبة، حيث سمح فقط لأولئك الذين جاءوا للتجارة بالمرور شمالًا، ما يعكس تنظيمًا دقيقًا وحكمة استراتيجية في إدارة الحدود.

لوحة سمنة : رسالة خالدة

تعد لوحة سمنة الحدودية من أهم الشواهد التاريخية التي توثق جهود الملك سنوسرت الثالث في حماية الحدود.

هذه اللوحة سجلت دور الحصن في الدفاع عن مصر، وأبرزت الدور القيادي للملك في توسيع حدود مصر الجنوبية.

على هذه اللوحة، نقش سنوسرت الثالث عبارته الشهيرة:

“إن أيا من ولدي يستطيع أن يحمى الحدود التى أقرها جلالتى، فهو ولدى ومن صلبى. إنه لمثل صادق لذلك الابن الذى يحمى أباه، ويذود عن حدوده. فأما من قعد عن ذلك ولم يذد عن حدودى، فهو ليس ابنى.”

توضح هذه العبارة التزام الملك بحماية أرض مصر وتأكيده على المسؤولية الوطنية التي تقع على عاتق الأجيال القادمة.

رمزية اللوحة

تعتبر لوحة سمنة الحدودية أكثر من مجرد أثر تاريخي؛ إنها رمز لقوة مصر العسكرية وتاريخها المجيد في الدفاع عن أراضيها.

تعكس اللوحة رؤية متقدمة للدفاع عن الوطن، حيث أدرك الملوك أن حماية الحدود ليست مجرد مهمة عسكرية، بل واجب مقدس يعكس هوية الأمة وقوتها.

يبقى إرث سنوسرت الثالث، مجسدًا في لوحة سمنة، مصدر إلهام للأجيال المصرية. إنها تجسد القيم الوطنية والالتزام بحماية الوطن، وتذكر العالم بالدور الرائد الذي لعبته مصر القديمة في بناء الحضارات والدفاع عن سيادتها.

بهذا المعنى، تحتل لوحة سمنة مكانة خاصة في تاريخ مصر العسكري، حيث تظل شاهدة على قوة وعظمة ملوكها المحاربين الذين سطروا بأعمالهم أروع ملاحم الدفاع عن الوطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى