قضية إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية: استقالات وضغوط وتحقيقات تزيد الأزمة تعقيدًا
تتصاعد أبعاد القضية المثيرة المرفوعة ضد إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية، وذلك بعد إعلان رئيسة الغرفة الأولى في المحكمة – وهي المسؤولة عن إصدار مذكرات اعتقال بحق قادة الاحتلال – استقالتها لأسباب صحية كما ورد. ومع ذلك، تبقى أسباب الاستقالة غير واضحة حتى الآن، مما أثار تكهنات حول إمكانية تعرضها لضغوط سرية من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل، بهدف دفعها إلى التنحي عن إصدار مذكرات الاعتقال. بالتزامن مع ذلك، يواجه كريم خان، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، اتهامات بالتحرش الجنسي تقدمت بها إحدى المحاميات، ومن المقرر أن يتم فتح تحقيق في هذه المزاعم، مما يزيد من تعقيد المشهد داخل أروقة المحكمة.
أكد أيمن سلامة، خبير القانون الدولي، أن ما تمر به الدائرة التمهيدية الأولى – المكلفة بإصدار مذكرات اعتقال لكل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف جالانت – يعد وضعًا استثنائيًا لم تشهده المحكمة الجنائية الدولية منذ تأسيسها عام 1998 وبدء نفاذ نظامها الأساسي في 2002. ففي سابقة لم تحدث من قبل، تقدمت أكثر من 60 دولة بملاحظات قانونية تطعن في اختصاص المحكمة في ملاحقة الإسرائيليين المتهمين بارتكاب جرائم حرب، على خلفية أحداث انتفاضة الأقصى الفلسطينية التي اندلعت في السابع من أكتوبر 2023. تلك الدول تسعى إلى إثبات أن المحكمة لا تملك سلطة قضائية لملاحقة المسؤولين الإسرائيليين، نظرًا لأن إسرائيل ليست عضواً في النظام الأساسي للمحكمة.
كما أشار سلامة إلى أن هناك محاولة لإظهار أن النظام القضائي الإسرائيلي يتمتع باستقلالية تامة، وأنه قادر على محاسبة نتنياهو وجالانت عن ذات التهم التي تنظر فيها المحكمة الجنائية الدولية، ما يضع المحكمة أمام تحدٍ كبير بعدم تجاهل الملاحظات المقدمة من هذه الدول. فالالتزام الدولي يستوجب عليها بموجب نظامها الأساسي وقواعد الأدلة، النظر في هذه الملاحظات بدقة، مما قد يؤثر على مسار القضية.
وأوضح سلامة أن هذه الملاحظات المقدمة ليست اعتراضات بالمعنى التقليدي، لكنها ملاحظات قانونية أتاحها النظام الأساسي للمحكمة للدول الأعضاء وحتى للدول غير الأعضاء، ما يضع المحكمة في موقف يجبرها على دراسة هذه المذكرات بعناية.