مقابر المزوقة: تحفة أثرية تجمع بين الفنون والعقائد الفرعونية والرومانية
تعد مقابر المزوقة واحدة من أبرز المعالم الأثرية في الوادي الجديد، وتقع على بعد 5 كيلومترات تقريبًا من قرية القصر بالداخلة. هذه المقابر الرومانية تعود إلى القرن الثاني الميلادي، حيث تتجسد فيها براعة الفنان المصري القديم الذي أبدع في استخدام الألوان الثابتة من الأكاسيد وزلال البيض لتزيين جدرانها بنقوش تجمع بين أساطير المصريين القدماء وعقائد الرومان.
تتميز هذه المقابر بوجود لوحات زخرفية ملونة ونقوش دينية فريدة، حيث تتداخل الآلهة الفرعونية والرومانية معًا، مما يعكس تمازج الحضارات وتنوع الثقافات التي سادت تلك الفترة. تعود تسمية “المزوقة” إلى الرسومات الفرعونية ذات الألوان الزاهية التي تلفت الأنظار بوضوح، وقد تحولت مع مرور الزمن إلى مقصد سياحي بارز في واحة الداخلة، يجتذب الزوار لاكتشاف أسرار تلك الرسوم وألوانها الزاهية.
في عام 1973، قام الدكتور أحمد فخري، عالم المصريات، باكتشاف هذه المقابر التي تضم مقبرتين أثريتين لشخصين يُدعى أحدهما “بادي أوزير”، الذي كان كاهنًا وشيد مقبرته تكريمًا للإله أوزوريس، حيث يُعرف اسمه بـ”الهدية للإله أوزوريس”. هذه المقبرة تتألف من حجرتين متداخلتين، مطليتين بطبقة من الجص ومزخرفتين بشكل لافت للنظر يعود إلى ما يقارب ألفي عام. أما المقبرة الثانية فتعود لكاهن آخر سعى للتقرب من الإلهة “باست”، رمز القط المقدس لدى المصريين القدماء.
تقع المقبرتان المنحوتتان في صخور الطفلة، على جزء من تل يبلغ ارتفاعه حوالي 20 مترًا عن سطح الأرض، ويعود تاريخهما إلى العصر الروماني، وبداية القرن الأول الميلادي. وتزخر المقابر بالعديد من المناظر التي تعكس مظاهر الحياة المصرية القديمة، حيث تضم رسومًا تظهر عملية الحساب للتحنيط وتوضح مدى تطور العلوم الطبية والفلكية في مصر، إلى جانب مشاهد لحصاد القمح وصور تمثل المعبودات الفرعونية والرومانية التي تزين جدران المقابر.
مقابر المزوقة تُعد شاهدًا على التمازج الحضاري بين مصر الفرعونية والعصر الروماني، وهي كنز أثري يكشف عن إبداعات المصريين القدماء في فنون الرسم والنحت، مما يجعلها وجهة بارزة للمستكشفين والباحثين في تاريخ الفنون والأديان القديمة.