تحتمس الثالث أعظم فراعنة مصر وصانع الإمبراطورية المصرية
كتبت شيماء طه
الملك تحتمس الثالث (حوالي 1479–1425 قبل الميلاد) يعتبر واحدًا من أعظم الفراعنة الذين حكموا مصر، وغالبًا ما يُشار إليه بلقب “نابليون مصر القديمة” نظرًا لعبقريته العسكرية وإنجازاته العظيمة التي وسعت الإمبراطورية المصرية إلى أقصى حدودها.
حكم خلال الأسرة الثامنة عشرة، وهي فترة زاهية في تاريخ مصر القديمة، وشهد عصره ذروة النفوذ العسكري والثقافي لمصر.
بدأ تحتمس الثالث حكمه كشريك مع زوجة أبيه، الملكة حتشبسوت، التي حكمت مصر كوصية عليه لعدة سنوات. رغم أنه كان الوريث الشرعي، إلا أن حتشبسوت تولت السلطة الفعلية كملكة حاكمة، بينما تولى تحتمس أدوارًا أقل أهمية.
مع وفاة حتشبسوت، تمكن تحتمس الثالث من تولي السلطة الكاملة في سن الأربعين تقريبًا، ومنذ ذلك الحين بدأ حكمًا مليئًا بالانتصارات العسكرية والإصلاحات الكبرى.
أشهر إنجازات تحتمس الثالث كانت حملاته العسكرية، التي قادها لتعزيز نفوذ مصر في منطقة الشرق الأدنى.
خاض ما لا يقل عن 17 حملة عسكرية ناجحة في بلاد الشام وفلسطين وسوريا، وتمكن من إخضاع مدن وأقاليم كانت تحت سيطرة قوى أجنبية. كانت معركة مجدو الشهيرة، التي خاضها ضد تحالف من الممالك الآسيوية، إحدى أبرز هذه الحملات. بعد هذه المعركة الحاسمة، بسطت مصر سيطرتها على المنطقة وجعلتها تابعة لها لعدة عقود.
لم تقتصر إنجازات تحتمس الثالث على العسكرية فقط، بل كان أيضًا إداريًا حكيمًا وحاكمًا ماهرًا
. عمل على تحسين البنية التحتية لمصر، وبنى العديد من المعابد والأبنية التي خلدت عظمته ، من بين أهم هذه المعالم هو معبد الكرنك في الأقصر، الذي أضاف إليه تحتمس العديد من الأبنية والنقوش لتوثيق انتصاراته وأعماله.
دبلوماسية تحتمس الثالث
على الصعيد الدبلوماسي، لم تكن سياسة تحتمس الثالث تعتمد فقط على القوة العسكرية، بل استخدم التحالفات والاتفاقيات للحفاظ على استقرار مملكته.
كان له دور كبير في تعزيز العلاقات مع القوى الكبرى في الشرق الأدنى، مثل الحيثيين والبابليين، وذلك من خلال تبادل الهدايا والزواج الدبلوماسي.
إقتصاديًا، ساهمت فتوحات تحتمس الثالث في تدفق الثروات إلى مصر، مما جعلها واحدة من أغنى الدول في العالم القديم. بفضل الجزية التي كانت تدفعها الممالك التابعة، أصبحت مصر مركزًا تجاريًا وثقافيًا هامًا في المنطقة.
هذا الازدهار الاقتصادي كان له تأثير مباشر على الحياة اليومية للمصريين، حيث توسعت الزراعة وزادت الإنتاجية، مما أدى إلى تحسين مستويات المعيشة.
على الرغم من مرور آلاف السنين على وفاة تحتمس الثالث، إلا أن تأثيره لا يزال حاضرًا في التاريخ المصري والعالمي.
فقد كان رمزًا للقوة العسكرية والدهاء السياسي، وقاد مصر إلى واحدة من أعظم فتراتها. تم دفنه في وادي الملوك، وهو المكان الذي دفن فيه العديد من ملوك مصر العظام، وتم العثور على مقبرته في حالة جيدة نسبيًا، وهي تقدم اليوم نظرة فريدة عن حياة وعظمة هذا الملك الفرعوني.
يعتبر تحتمس الثالث من أعظم الفراعنة الذين حكموا مصر، وذلك بفضل إنجازاته العسكرية والإدارية والدبلوماسية.