المزيد

قبائل أولاد على بمطروح تاريخ عريق وهوية راسخة بين الماضى والحاضر

شيماء طه

تُعد قبائل أولاد علي في محافظة مطروح من أبرز القبائل التي لعبت دوراً هاماً في الحياة الاجتماعية والسياسية في غرب مصر، وتعود جذورها إلى قبيلة بني سليم التي هاجرت إلى شمال إفريقيا خلال الفتوحات الإسلامية.

إستقرت هذه القبائل في المنطقة الممتدة من مطروح إلى الحدود الليبية، مما جعلها جزءاً لا يتجزأ من نسيج الحياة في الساحل الغربي لمصر.

الأصل والنسب

تنقسم قبائل أولاد علي إلى فرعين رئيسيين: “أولاد علي الأحمر” و”أولاد علي الأبيض”، ولكل فرع فروعه الخاصة مثل القنايشات والعزائم والهوارة.

تنتشر هذه القبائل في مناطق تمتد من سيدي براني على الحدود الغربية مع ليبيا، وصولاً إلى دمنهور في دلتا مصر، مروراً بأحياء غرب الإسكندرية مثل العامرية وكنج مريوط.

يعتبر النظام القبلي المستند إلى الوراثة في اختيار الشيوخ محورياً في تسيير شؤون القبيلة ، الشيخ هو المسؤول عن القبيلة، ويتم إختياره عبر عملية توارثية تعتمد على الكفاءة والاحترام.

العادات والتقاليد

تحافظ قبائل أولاد علي على عاداتها التقليدية في الزواج، إذ يُفضل أن يتم الزواج داخل العائلة، سواء من ابن العم أو ابن الخال.

وفي حال رفضت الفتاة هذا الزواج، قد تواجه قيوداً تمنعها من الزواج خارج القبيلة ، تُعتبر مراسم الزواج حدثاً اجتماعياً مهماً، تمتد الاحتفالات لعدة أيام وتختلف تقاليد المهر بين الأقارب والغرباء.

يُقدم الأقارب 10 خراف، بينما يُلزم العريس الغريب بدفع مهر نقدي بالإضافة إلى الخراف. هذه العادات تعكس تماسك القبيلة وحرصها على الحفاظ على الروابط العائلية.

النظام الاجتماعي

يتسم النظام الاجتماعي في قبائل أولاد علي بالتكافل بين أفراد القبيلة، ويعد الشيخ المرجع الأول لحل النزاعات .

يتم فضّ الخلافات عبر المجالس العرفية، حيث يُحكم على القضايا بطريقة فورية وملزمة دون استئناف ، يُشكل هذا النظام جزءاً من الهوية الإجتماعية للقبيلة، ويعزز من تماسكها وقدرتها على تجاوز الصعوبات.

اقتصاد قبائل أولاد علي كان يعتمد في المقام الأول على الرعي وتربية المواشي، وهي مهنة ورثوها عبر الأجيال. ومع تغير الأوضاع الاقتصادية، اتجه العديد من أفراد القبيلة للعمل في التجارة و العقارات، خاصة في المناطق الساحلية التي شهدت إقبالاً سياحياً.

كما ظهرت مهن جديدة تواكب تطورات العصر مثل العمل في السياحة ، ما ساعد على تحقيق دخل إضافي للقبيلة .

رغم ذلك، تبقى المهن التقليدية مثل رعي الأغنام والزراعة، خاصة زراعة الحبوب مثل القمح والشعير، جزءاً أساسياً من ثقافتهم الاقتصادية.

مع تطور البنية التحتية واندماج أبناء القبيلة في الحياة المدنية، تواجه قبائل أولاد علي تحديات جديدة.

من أبرزها ندرة الموارد الطبيعية، خاصة المياه، وهو ما يفرض عليهم البحث عن حلول دائمة لضمان إستدامة حياتهم في الصحراء .

كما أن التوسع العمراني والاقتراب المتزايد من حياة المدن أثّر على نمط حياتهم التقليدي، حيث تغيرت بعض عاداتهم مع دخول التكنولوجيا الحديثة .

الهوية الثقافية

رغم التحديات التي فرضتها الحياة الحديثة، لا تزال قبائل أولاد علي تحافظ على هويتها الثقافية الغنية بالعادات والتقاليد.

تظل الموسيقى الشعبية جزءاً من مناسباتهم الخاصة، حيث تستخدم الآلات الموسيقية التقليدية مثل الربابة والمزمار في الأفراح والمناسبات القومية ، اللباس التقليدي، المتمثل في الجلباب والعمامة للرجال، والعباءة الفضفاضة المزخرفة للنساء، يعكس إرتباطهم العميق بتراثهم.

إلى جانب ذلك، يؤمنون بمبدأ الكرم والتسامح، ويظهر هذا جلياً في علاقاتهم الاجتماعية وأسلوب حياتهم اليومي .

الدور السياسي والتاريخي

لم تكن قبائل أولاد علي بعيدة عن الساحة السياسية، فقد لعبت دوراً بارزاً في مقاومة الاحتلال الإيطالي في ليبيا، وكان لها تأثير في العلاقات بين مصر وليبيا ، كما ساهم أبناء القبيلة في الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة الحدودية، وما زال لهم حضور قوي في المجالس المحلية والسياسية في مصر، حيث يمثلون جسراً بين التقاليد البدوية ومتطلبات العصر الحديث.

تظل قبائل أولاد علي نموذجاً لقبيلة نجحت في الحفاظ على هويتها الثقافية والاجتماعية رغم التغيرات التي مرت بها.

ومع تمسكها بتقاليدها وعاداتها، تسعى القبيلة جاهدة للاندماج في الحياة الحديثة دون فقدان جذورها الراسخة في تاريخ المنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى