عادات و تقاليد

أبرزها “لبة الجمعة”.. تعرف على العادات البدوية القديمة لقبيلة الجبالية بمدينة سانت كاترين

حأميرة جادو

تقع مدينة سانت كاترين في جنوب سيناء، وتتميز بكونها موطنًا أصيلًا لقبيلة الجبالية بعشائرها المتنوعة. على الرغم من أن المدينة تقع على أعلى قمة جبلية في مصر، مما يجعلها أكثر المناطق برودة على مستوى البلاد، إلا أن أفراد قبيلة الجبالية فضلوا البقاء فيها منذ عصور طويلة. لطالما تميزت المدينة بمناخها القارس، حيث تصل البرودة إلى درجة الصقيع في فصل الشتاء، ويتساقط الثلج ليتحول المشهد إلى لوحة طبيعية تشبه المدن الأوروبية.

التكيف مع البيئة القاسية

نجح أبناء قبيلة الجبالية في التأقلم مع الظروف المناخية الصعبة، وطوروا أسلوب حياة يتماشى مع طبيعة المنطقة الجبلية. اعتمد السكان على زراعة الوديان المحيطة، فضلاً عن العمل في قطاع السياحة، وابتكروا أنواعًا خاصة من الأطعمة التي تساعدهم على مواجهة برودة الطقس. تتميز هذه الأطعمة بقدرتها على إمداد الجسم بالطاقة، كما أنها حظيت بإعجاب السائحين الذين يفضلون تذوق هذه المأكولات التقليدية أثناء زيارتهم للمدينة.

الأطعمة التقليدية والتقاليد البدوية

يعد الطعام جزءًا أساسيًا من حياة قبيلة الجبالية، حيث يتم تناوله وفقًا لطقوس بدوية خاصة تورّث عبر الأجيال. وبحسب رمضان الجبالي، أحد أبناء القبيلة وحارس دير سانت كاترين، فإن أفراد الجبالية استقروا بالقرب من موقع الدير قبل بنائه، واعتادوا العيش على سفوح الجبال الشاهقة، حيث كانوا يتغلبون على قسوة المناخ بتناول أطعمة غنية بالسعرات الحرارية. تتميز هذه الأطعمة بقدرتها على توفير الدفء والطاقة لأجسامهم، مما ساعدهم في التكيف مع البيئة القاسية.

السمر والتجمعات العائلية

أوضح “رمضان”، أن العادات البدوية الأصيلة التي تجمع أبناء القبيلة تشمل جلسات السمر والتجمع لتناول الأطعمة التقليدية، فضلاً عن حل المشكلات وإجراء الحوارات بين أفراد القبيلة. هذه التجمعات كانت تنظم بشكل يومي أو أسبوعي، أو خلال المناسبات والأفراح. ومن أبرز العادات الأسبوعية التي يتمسك بها الجبالية، هي التجمع مساء يوم الخميس في منزل الجد أو الجدة الكبيرة، المعروف باسم “العريشة”، وهي عبارة عن عشة تقليدية تقع داخل منطقة جبلية.

 اللبة والفراشيح

تعتبر وجبة الإفطار يوم الجمعة في التجمعات البدوية حدثًا مميزًا، حيث يتم إعداد “اللبة”، وهي عجين مكون من الدقيق والملح، يتم دفنه في النار حتى ينضج، ثم يقدم مع زيت الزيتون و”الدقة”، وهي توابل مصنوعة من الأعشاب الطبيعية التي تنمو في سانت كاترين. يتبع ذلك تناول الشاي والقهوة مع جميع أفراد التجمع، بدءًا من الصغار وحتى كبار السن.

أما وجبة الغداء، فتتضمن “الفراشيح”، وهو نوع من الخبز البدوي يعد من الدقيق والملح والماء، ويطهى على صاج من الحديد يوضع تحته حطب أشجار السيال. إلى جانب ذلك، يتم تقديم شوربة “الجريشة”، المصنوعة من القمح المجروش، بجانب اللحوم المطهية على الأرز. يتم تقديم هذه الأطعمة بشكل جماعي، حيث يلتف الجميع حول “الراكية” لتناول الشاي والقهوة التي تحضر من البن الأخضر المحمص والمطحون يدويًا.

الموروثات الثقافية والتمسك بالهوية

والجدير بالذكر أن قبيلة الجبالية أثبتت قدرتها على الحفاظ على هويتها وثقافتها البدوية الأصيلة على مر العصور، رغم التطورات التي شهدتها مدينة سانت كاترين. لا تزال القبيلة متمسكة بعاداتها الغذائية وأسلوب حياتها التقليدي، مما جعلها نموذجًا فريدًا للصمود أمام تحديات الطبيعة، ومثالًا حيًا على التعايش والتأقلم مع الظروف البيئية القاسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى