قديمًا وحديثًا.. عادات وطقوس الزواج عند قبائل نجران بالسعودية
أميرة جادو
ظهرت العديد من الأساليب الحديثة في الزواج عند قبائل نجران، فتراجعت التقاليد والعادات التي كان يفخر بها الأهالي في التخفيف من عبء الزواج بحد ذاته إلى ما هو أبعد من الحدود المعقولة، وخلقت عادات، بعضها ساعدت العريس ماديا وبعضها الآخر أرهقته
العهد القديم
في البداية إذا رغب الرجل في الزواج بعد خطوبته يقدم مهرًا يصل إلى 100 قطعة نقدية فضية فرنسية، ويعطي العروس فستانًا للعرس وبعض الطعام مثل القمح والقهوة والهيل مع خروف، وهذا يسمى (حملة).
في يوم الزفاف، يذهب العريس مع مجموعة من أقاربه (10 رجال) إلى منزل عائلة العروس ويتم وليمن من الماعز لهم، وبعد ذلك يتم توقيع عقد الزواج، ويطلقون أهالي العريس والعروس النار من بنادقهم، وهو ما يسمى بالرازف النجراني ، وبعد ذلك تعود أهل العريس، ويبقى العريس مع أهل العروس لمدة ثمانية أيام، وبعد ذلك يذهب إلى عشيرته وإلى منزله، ولكن هذه الأيام الثمانية ألغيت وزاد المهر.
تحولت الحملة إلى صندوق خشبي منحوت ومزين، وكيسين من السكر، وكيسين من الأرز، وزيت، وشاهي، وكرتوني هيل وقهوة، وصابون، وخروفين، وبعد فترة من الزمن ألغيت الحملة، واستبدلت بقيمة نقدية تقدر بنحو 10 آلاف ريال، وما زال البعض القليل متمسكا بتلك الحملة كما هي.
عادات جديدة
تم استحداث ما يسمى بالشنطة، علاوة على الحملة والمهر، وهي عبارة عن مبلغ يتراوح بين 5 و10 آلاف يتم إضافته إلى المهر، مخصصة لتجهيز عطورات العروس وأدوات التجميل والملابس، كما أن بعض العائلات اشترطت أن يكون الزواج في قصر من قصور الأفراح، ما يستنزف جيب العريس ويزيد عليه التكلفة.
ما زالت بعض القبائل تتمسك بها، خاصة من يقيمون في المحافظات الشمالية، حيث يدفع العريس مبالغ مادية لإخوان العروس ووالدها وخالها، والبعض يكون على شكل هدايا، ويتراوح مجمل تلك الهدايا بين 20 و50 ألف ريال، إضافة إلى وجود وقت لاستقبال الضيوف من صباح ذلك اليوم وحتى العاشرة ليلا، مما يرهق العريس جسديا.
وثيقة المهور
مع ارتفاع تكاليف ومصاريف الزواج، ولتشجيع أبناء القبيلة على الزواج، حددت معظم قبائل نجران مهر الزواج بين أفراد القبيلة نفسها وكتبت الشروط في وثيقة وقع عليها أفراد القبائل الذين وافقوا عليها، ومن لم يوقع على هذه الشروط لا تنطبق عليه سواء متزوج من أولاده أو بناته.
وعلى سبيل المثال، شملت الشروط على أن مهر البكر 41 ألف ريال، ومهر الثيب 31 ألف ريال، بشرط ألا تزيد الذبائح عن خمسة، منعا للإسراف ولا تقل عن ثلاثة، منعا للشح.. بيد أنه في الوقت الحالي تم تجاوز ذلك العدد بسبب كثرة الضيوف، ويتم الإبلاغ أن خمس ذبائح هي الشرط، والزيادة كرامة للضيوف.
مساعدة الشباب
كما يشترط أن يتحمل والد العروس جميع التكاليف باستثناء زيادة عدد الذبائح. كما يمنع إقامة الزواج في قصر أفراح أو إحضار الأغاني أو طقطقات.. وكذلك يشمل المبلغ الذي يسلم لوالد العروس جميع مطالباتها ، بما في ذلك الذهب.
بعد ذلك قررت القبيلة أن والد العروس لن يتحمل عشاء الضيوف. في حين بقيت البنود الأخرى كما هي، كما سعت قبائل أخرى لتحديد المهور، ولكن بقيم متفاوتة كان المتوسط بها 50 ألف ريالا، مؤكدا أن تلك الوثيقة بين أفراد القبيلة ساعدت الشباب على الزواج، كما أن توجه الشباب لبنات القبيلة أصبح كخيار أول، فإن لم يجد فيتجه إلى خارج القبيلة، وقد يكلفه الزواج أكثر من 150 ألف ريال.
استقبال العريس
كانت الزيجات قديما وحتى وقت قريب كانت تقام في أرض فضاء بجوار بيت العروس، ويأتي العريس وأقاربه إلى ذلك الموقع، ويقوم أقاربه بضيافة الضيوف وكأنهم أصبحوا أهل المكان، وأهل العروسة يصبحون ضيوفا أيضا.
بقي الوضع كما هو حتى بعد فكرة الاستراحات المخصصة للزواجات. حيت يأتي أهل العروسة أولا لاستقبال أهالي العريس، ولكن هناك بعض القبائل أقامت بيوت ضيافة للاحتفال فيها بأفراح قبيلتهم.. ولكن إذا تزوج أحد أبنائهم من قبيلة أخرى فإنهم لا يقيمون الزواج بها. بحجة أنهم لا يرحبون بفكرة أن يستقبلهم ذوو العروسة في ضيافتهم. ويرحبون بهم في مكانهم، فأصبحت تلك الضيافة ليس لها أي داع، إلا في حال زواج الشاب بشابة من أفراد قبيلته. وبذلك لم يتم توفير قيمة استراحة الزواج التي تتراوح قيمتها بين 5 و25 ألف ريال، وتزيد تلك القيمة في حالة قصور الأفراح.
الذبائح والولائم
يشتكي العديد من الشباب من التكاليف المادية للعشاء. ويريدون اختصارها، إلا أنهم يمتنعون عن ذلك لأمرين. الأول أن العريس يضع في حسبانه أن عدد ضيوفه سيصلون إلى 1000 شخص، إلا أن عددا كبيرا منهم يغادرون. لوجود زواج آخر في نفس اليوم يودون حضوره.. بينما الأمر الثاني هو أن العريس يعقد أمله على المعونات المادية التي تقدم للعريس ليلة زواجه. وتصل في بعض الأحيان لأكثر من 200 ألف ريال. لذلك لا يستطيع اختصار العشاء.
والجدير بالذكر، قدم البعض اقتراحا بأن تقبل المعونات المادية قبل الزواج بيوم. ويتم الزواج في الليل مقتصرا على العائلة فقط. وهناك من يعارض ذلك المقترح بشدة بقوله: “إن إكرام الضيف واجب.. وتلك ليلة العمر ويجب أن يتم إبلاغ الجهات الخيرية المختصة لأخذ بقية الطعام.. بدلا من الاختصار”.