“الهوسيت” رقصة المحاربين و”الباسنكوب” آلة موسيقية.. مظاهر الفرحة عند قبائل جنوب البحر الأحمر
أميرة جادو
يستقر على طول ساحل البحر الأحمر العديد من القبائل الممتدة من شماله إلى جنوبه، حيث تتميز كل منطقة بتقاليدها الخاصة التي تشكل جزءًا من تراثها الأصيل. في جنوب البحر الأحمر، تتواجد قبائل البشارية، التي تعود أصولها إلى قبائل البجا. هذه القبائل ورثت من الطبيعة والحياة البدوية عادات وتقاليد فريدة، من أبرزها رقصة “الهوسيت”، التي تعتبر عنصرًا أساسيًا في احتفالاتهم المختلفة، خاصة في الأعراس والمناسبات الاجتماعية.
رقصة المحاربين وأيقونة الفرح
في هذا الإطار، كشف محمد حسن أوشيك، أحد شباب مدينة الشلاتين من قبائل البشارية، أن رقصة “الهوسيت” هي الأشهر بين أهالي المنطقة، وتعرف بأنها رقصة الانتصارات منذ القدم. كانت هذه الرقصة تؤدى ابتهاجًا بعد الحروب، إذ كانت تعبيرًا عن الفخر والفرح بانتصار المحاربين. أما اليوم، فهي جزء لا يتجزأ من أي احتفال يقيمه أهالي حلايب وشلاتين، سواء في الأفراح أو المناسبات الخاصة، حتى أطلق عليها لقب “رقصة المحاربين”.
“الهوسيت” فن التحطيب
أوضح “أوشيك”، أن رقصة الهوسيت تشبه إلى حد كبير لعبة التحطيب التي تعتبر موروثًا أصيلًا في صعيد مصر. في الهوسيت، يرفع السيف والدرع عاليًا، ويتمايل الفارس بسعادة وفخر، وكأنها ترجمة مرئية لاحتفال المحارب بالنصر. ويعتبر هذا العرض الفريد وسيلة للتفاخر والشموخ لأبناء قبائل البشارية، حيث يظهر ممارسها أنه فارس منتصر، مما يضيف على الرقصة بعدًا تاريخيًا يعكس عراقة القبيلة وتاريخها المجيد.
الهوسيت في استقبال الضيوف والأفراح
لا تقتصر رقصة الهوسيت على الأفراح فقط، بل يمتد حضورها إلى استقبال الضيوف والزوار في جنوب البحر الأحمر. دائمًا ما يستقبل أهالي المنطقة زوارهم برقصة الهوسيت، معبرين من خلالها عن الترحيب والاحتفاء. كما تحرص مجالس مدن محافظة البحر الأحمر، بالتنسيق مع شباب قبائل البشارية، على تنظيم استقبالات رسمية وشعبية يتخللها أداء هذه الرقصة، لتقديم صورة من التقاليد المحلية الفريدة.
آلة الباسنكوب ورقصة الهوسيت
إلى جانب رقصة الهوسيت، تشتهر منطقة الصحراء الشرقية باستخدام آلة “الباسنكوب” الوترية، التي تضفي أجواء من الأصالة والتميز على تلك المناسبات. تعزف أنغام الباسنكوب في كل حفل أو مناسبة، حيث تعتبر من الآلات الموسيقية الأساسية في التراث الموسيقي للقبائل، وتعكس التمازج بين الموسيقى والرقص في إحياء التراث القبلي.
أطفال الجنوب وأصالة التراث
من المظاهر اللافتة في احتفالات أهالي جنوب البحر الأحمر، مشاركة الأطفال أيضًا في حمل الآلات الموسيقية التقليدية مثل الباسنكوب، وهو ما يظهر حرص القبائل على غرس هذه العادات والتقاليد في الأجيال الجديدة، ليحافظوا على هذا الإرث العظيم وينقلوه إلى المستقبل.
في النهاية، تبقى رقصة الهوسيت إحدى الموروثات الفريدة التي تعكس ارتباط القبائل البشارية بتراثها، وتروي حكايات تاريخية عن الفخر والشجاعة والانتصار، لتظل هذه الرقصة حاضرة في ذاكرة الأجيال، وشاهدة على حضارة قبائل الجنوب العريقة.