المرأة في الحضارات القديمة.. اكتشاف عرش لملكة من شعب الموتشي يجسد دورها القوي
أميرة جادو
اكتشف علماء الآثار، خلال عمليات التنقيب في موقع “بانياماركا” بمنطقة أنكاش في بيرو، غرفة عرش مطلية يُعتقد أنها تعود لامرأة قوية من شعب الموتشي، وفقاً لما نشره موقع “Heritage Daily”. هذا الاكتشاف يعد من الاكتشافات النادرة التي تسلط الضوء على دور المرأة في حضارة قديمة حكمت جبال الأنديز منذ قرون.
شعب الموتشي: حضارة أنديزية غامضة
شعب الموتشي، المعروف أيضاً باسم “ثقافة موتشيكا”، هو حضارة أنديزية ازدهرت في شمال بيرو بين القرن الأول والثامن الميلادي. يتم تقسيم تاريخهم إلى ثلاث مراحل رئيسية:
1. الفترة الموتشية المبكرة (100-300 م): شهدت نشوء حضارتهم الأولى وتطور القرى الصغيرة.
2. الفترة الموتشية الوسطى (300-600 م): توسعت خلالها النفوذ السياسي والاقتصادي لشعب الموتشي.
3. الفترة الموتشية المتأخرة (500-750 م): برزت فيها المدن الكبرى والمراكز الاحتفالية.
مركز احتفالي لشعب الموتشي
تأسست مدينة بانياماركا خلال الفترة المتأخرة من تاريخ الموتشي على الضفة اليمنى لنهر نيبينيا. كانت بانياماركا بمثابة المركز الجنوبي لهذه الحضارة، وكانت مخصصة بشكل رئيسي لأداء الطقوس والاحتفالات. تميزت المدينة بمعابدها وساحاتها المغلقة المبنية فوق تلة من الجرانيت، والمزينة بالنقوش التي تصور الأبطال الأسطوريين والمخلوقات المخيفة، إلى جانب مشاهد المعارك والقرابين.
غرفة العرش: رمز السلطة والقوة النسائية
خلال هذا الموسم من التنقيب، تمكن الباحثون من الكشف عن قاعة عرش مدهشة بنيت من الطوب اللبن، وأطلق عليها مدير المشروع، جيسيكا أورتيز زيفالوس، اسم “قاعة موتشي الخيالية” (Sala del Imaginario Moche). تتميز هذه الغرفة بأنها محاطة بجدران وأعمدة منقوشة بأربعة مشاهد مختلفة لامرأة قوية، حيث تظهر في بعضها جالسة على العرش، وفي مشاهد أخرى تستقبل الزوار ضمن موكب احتفالي.
رمز القمر ودور المرأة في بانياماركا
يشير علماء الآثار إلى أن قاعة العرش ترتبط بالمعبود الهلال القمري، مما يدل على أهمية هذه المرأة في الطقوس الدينية والاحتفالية. وتعتبر هذه الأدلة المادية دليلاً على أن الغرفة كانت مخصصة لحاكمة من النخبة في بانياماركا، والتي عاشت خلال القرن السابع الميلادي. هذا الاكتشاف يوضح دور المرأة في السلطة والمجتمع لدى شعب الموتشي، مما يضيف بُعدًا جديدًا لفهمنا لهذه الحضارة الغامضة.
تعاون علمي دولي
يتم الإشراف على برنامج البحث الأثري في بانياماركا من قبل فريق من علماء الآثار والمحافظين من مقر وزارة الثقافة البيروفية في العاصمة ليما، بالتعاون مع المكتب الإقليمي للمديرية الثقافية المركزية في أنكاش. هذا التعاون يهدف إلى الحفاظ على التراث الثقافي لشعب الموتشي ودراسة أدوارهم الاجتماعية والدينية بشكل أعمق.
بهذا الاكتشاف، تتجلى لنا صورة أكثر وضوحاً حول دور المرأة في حضارة الموتشي. ليس فقط كرمز ديني بل أيضاً كقائدة سياسية واجتماعية. مما يعزز من فهمنا لحضارات الأنديز القديمة ويكشف المزيد من أسرارها المخبأة في طيات الزمن.