قمة العشرين: محاور اقتصادية كبرى وآمال بطموحات عالمية
افتتحت أمس الأثنين أعمال قمة مجموعة العشرين في مدينة “ريو دي جانيرو”، الواقعة جنوب شرقي البرازيل، حيث يجتمع قادة أكبر 20 اقتصادًا عالميًا، إلى جانب ممثلين عن الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي.
تأسست المجموعة عام 1999 استجابة للأزمات المالية التي أثرت على الدول النامية في أواخر التسعينيات، بهدف تعزيز التنسيق بين الدول الصناعية والاقتصادات الناشئة. تضم المجموعة 19 دولة بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، وتشمل دولًا بارزة مثل الولايات المتحدة، الصين، ألمانيا، الهند، والبرازيل، إلى جانب دول صناعية كاليابان وكندا ودول ناشئة كالمكسيك وإندونيسيا.
تحولات دولية تحت المجهر
القمة، التي تمتد ليومين، تسلط الضوء على السياسة الأمريكية في ظل إعادة انتخاب الرئيس السابق دونالد ترامب، المعروف بمواقفه الانعزالية. ومع ذلك، يمثل الولايات المتحدة في هذه القمة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، الذي يُرتقب أن يعقد لقاءً على هامش القمة مع نظيره البرازيلي لولا دا سيلفا.
من جانب آخر، يعقد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر لقاءً مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، في أول اجتماع من نوعه بين زعيم بريطاني والرئيس الصيني منذ فبراير 2018. ويهدف ستارمر إلى بناء علاقة “نفعية” مع الصين، توازن بين التعاون الاقتصادي والمصالح الوطنية.
أهداف برازيليّة طموحة
يرى الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا في هذه القمة فرصة لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسية
1. فرض ضريبة عالمية على كبار المليارديرات.
2. تشكيل تحالف دولي لمكافحة الجوع والفقر.
3. الدفع نحو إصلاح المنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة، لمنح الدول النامية دورًا أكبر.
إلى جانب ذلك، يسعى دا سيلفا إلى الحصول على دعم الدول الغنية لتمويل مشاريع الطاقة الخضراء في الدول النامية، على الرغم من التحديات التي تفرضها عودة ترامب إلى البيت الأبيض.
منتدى اقتصادي عالمي
تعدّ مجموعة العشرين واحدة من أبرز المنتديات العالمية للتعاون الاقتصادي والمالي. تضم المجموعة الاتحاد الأوروبي إلى جانب دول كالبرازيل، الصين، الهند، السعودية، والولايات المتحدة. تُشكّل هذه الدول مجتمعة
– 80% من الناتج الإجمالي العالمي.
– 75% من حجم التجارة العالمية.
-ثلثي سكان العالم.
تأتي مشاركة مصر في قمة مجموعة العشرين لعام 2024 بدعوة من الرئيس البرازيلي *لولا دا سيلفا*، تأكيدًا لدورها البارز كمدافع عن مصالح الدول النامية، لاسيما الإفريقية والعربية، في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية العالمية. تهدف مصر من خلال هذه المشاركة إلى تعزيز حضور الدول النامية في النظام الاقتصادي العالمي، مع تسليط الضوء على القضايا الجيوسياسية الملحّة، مثل العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان.
تسعى مصر لطرح ملفات حيوية تتعلق بالتحديات التي تواجه الدول النامية، خصوصًا في إفريقيا والمنطقة العربية. تركز أولوياتها على تحقيق إصلاحات دولية تهدف إلى تخفيف أعباء الديون وزيادة التمويل اللازم لدعم خطط التنمية المستدامة. كما تُمثل القمة فرصة لمصر للترويج لمشروعاتها القومية الكبرى، مثل محور قناة السويس والمناطق الاقتصادية، بهدف جذب استثمارات أجنبية تُعزز من مكانتها كوجهة استثمارية مستقرة وواعدة.
تتيح قمة العشرين لمصر فرصة فريدة لتعزيز شراكاتها الاقتصادية والتجارية. تسعى مصر إلى التفاوض على اتفاقيات جديدة مع الاقتصادات الكبرى لتعزيز صادراتها وزيادة التكامل في التجارة الدولية. إضافة إلى ذلك، تُفتح القمة المجال للحصول على دعم مالي وتقني من المؤسسات المالية الدولية الكبرى، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ما يدعم جهودها لتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
تمثل مشاركة مصر في القمة منصة لتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية. فمن خلال طرح قضايا الدول النامية والمساهمة في صياغة السياسات الاقتصادية العالمية، تعزز مصر مكانتها كفاعل رئيسي في تحقيق التنمية المستدامة وحشد الجهود الدولية لمواجهة التحديات البيئية والاقتصادية العالمية.
تُعد مشاركة مصر في قمة العشرين لعام 2024 علامة فارقة في جهودها لتعميق التعاون متعدد الأطراف وبناء شراكات دولية قوية. تعكس هذه المشاركة التزام مصر بتحقيق نمو اقتصادي مستدام وتعزيز دورها كصوت قوي للدول النامية في المحافل العالمية.
الجدير بالذكر أن دول الأعضاء تجتمع سنويًا لمناقشة قضايا حيوية، من أبرزها: تعزيز النمو الاقتصادي العالمي، مكافحة التهرب الضريبي، تقوية الأسواق المالية، بالإضافة إلى التصدي لتحديات التغيير المناخي وقضايا الهجرة.
بالرغم من الطموحات الكبيرة التي يطرحها المجتمعون في ريو دي جانيرو، يرى المراقبون أن التحديات السياسية والاقتصادية قد تُعيق تحقيق بعض هذه الأهداف، لا سيما في ظل استمرار التوترات الجيوسياسية العالمية.