قبيلة لواتة: حكاية الأمازيغ الذين صنعوا التاريخ في ليبيا
تعد قبيلة لواتة واحدة من القبائل الأمازيغية التي لعبت دوراً بارزاً في تاريخ ليبيا القديم، حيث كانت تستوطن مناطق برقة وسرت وأطراف طرابلس خلال الفتح الإسلامي سنة 643 م (24هـ). يشير بعض المؤرخين إلى أن اسم “ليبيا” و”لبدة الكبرى” يعود في أصله إلى هذه القبيلة، التي تعد أول قبيلة أمازيغية اعتنقت الإسلام، وأصبحت من أشد المدافعين عنه، حيث أنجبت أول قائد إسلامي من أصول أمازيغية، وهو هلال بن ثروان اللواتي، الذي شارك في حملة حسان بن نعمان عام 693م (74هـ) في المنطقة.
تاريخ قبيلة لواتة
تتعدد الروايات حول أصول قبيلة لواتة، كما ورد في كتاب “قلائد الجمان في التعريف بقبائل عرب الزمان” للقلقشندي. وذكر الحمداني أنهم من بني لواتة الأكبر بن رحيك بن مادغش الأبتر ابن بربر، وهناك من يقول إنهم ينتمون إلى غطفان بن قيس عيلان، بينما يشير آخرون إلى أنهم من نسل بربر بن قيذار بن إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، من امرأة تزوجها من العماليق بفلسطين. كما ورد عن ابن حزم أن بعض النسابين يعتقدون أن لواتة من القبط، إلا أنه اعتبر هذا القول غير صحيح.
تعد لواتة من أكبر قبائل البربر وأكثرها انتشاراً، حيث تمتد بطونها في بلاد المغرب وتصل إلى مصر، حيث توجد في الوجه القبلي في الأعمال البهنساوية، والجيزة، والمنوفية، والغربية، والبحيرة. تتنوع بطون لواتة وتضم العديد من الفروع، مثل بني جديدي، وقطوفة، وبركين، ومزورة، وبني بلار، ولكل فرع منهم فروعه الخاصة وأراضيه التي يسكنها.
تحتل بطون لواتة مواقع متعددة في مصر، حيث يذكر الحمداني أن بني جديدي يجمعون بين أولاد قريش وأولاد زعازع، وهم من أشهر العائلات في الصعيد. في حين تجمع قطوفة بين مغاغة وواهلة، أما بركين فيجمع بني زيد وبني روحين، ولهم مناطقهم الخاصة. من جهتها، تضم مزورة بطوناً مثل بني وركان وبني غرواسن وبني جماز وبني الحكم وبني الوليد وبني الحجاج وبني الحرمية. كما يوجد بطون أخرى مثل بني الحجاج الذين يؤدون القطائع مع بني خماس.
بالإضافة إلى ذلك، يوجد بنو بلار الذين ينقسمون إلى فرقتين: البلارية، وجد وخاص، ولهم كفورهم الخاصة في البهنساوية والمناطق المحيطة. تتنوع مناطق النفوذ والسلطة بين هذه البطون، حيث كانت الإمارة في الزقازقة لطهما، ثم انتقلت إلى رضوان وأخيه من بني يرني. واستقرت الإمارة في معاني مشيخة العرب.
تتوزع لواتة أيضاً في المنوفية حيث توجد بطون مثل بني يحيى والسوه وعبيد ومصلة وبني مختار، وهناك أخلاف من مزاته، وزنارة، وهوارة، وبنو الشعرية. من الجدير بالذكر أن زنارة هي فرع من لواتة وتعد من بطونها المهمة التي تسكن بلاد البحيرة.
تظل قبيلة لواتة من القبائل الأمازيغية الهامة التي ساهمت في تشكيل تاريخ المنطقة، سواء في ليبيا أو مصر، مما يجعلها جزءاً لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والثقافي للبلدان التي سكنتها.