كل ما تريد معرفته عن القبائل الشركسية.. لا يحضر أهل العروس حفل الزفاف
أميرة جادو
غالبًا ما يتردد على مسامعنا كلمة “الشراكس”، ولكن قلة هم من يعرفون المعلومات الكافية عن هذه القبائل، مع أنّهم موجودون في المنطقة، وتعدادهم في بلاد الشام لوحدها يقدر بمئات الآلاف، فمَن هم الشركس؟ ما هو موطنهم؟ ومن أين أتوا؟ ما تاريخهم؟ وما هي عاداتهم؟ وما عقائدهم؟
أصل الشراكس
يرجع ظهور مصطلح “شركس” إلى اليونانيون، حيث أطلقوه على مجموعة من شعوب القوقاز مثل:
- الأديغة
- الأبخاز
- الأوبيخ
- الشيشان
- الداغستان
أمّا هم فيطلقون على أنفسهم “أديغة”، ويعيشون في أرض القوقاز بين البحر الأسود وبحر قزوين التي تتميز بسلسلة جبال ضخمة، ومناخ قاسي، وبيئة ذات طبيعة جبلية صعبة تربى وترعرع أهلها على تحمل المشاق والصعاب.
والجدير بالإشارة أن “الشركس” يتميزون بالمهارة والفروسية واللباس الأنيق، وبالروح المعنوية التي لا تنكسر ولا تنحني، ولا تموت هذه الروح التي جعلت البطل ريدادًا يضحي بنفسه لأجل شعبه، وهي التي جعلت فرسان الشركس في شمال القوقاز ينتفضون على إهانة خان القرم، ويبيدون الاحتلال التتري في معركة قنجال زاوة.
ديانة الشركس
يعتنق أغلبهم الدين الإسلامي، وهناك من يدينون بالمسيحية، وقد دخل الإسلام إلى “بلاد القوقاز” في عهد الدولة العثمانية في القرن الثالث عشر.علاوة على أن بعضهم يتبعون “الأديغة خابزة” وهي الأنظمة والمبادئ الرئيسية والخطوط العريضة لمجموعة القوانين (غير المكتوبة)، والضوابط التي تنظّم قواعدهم الحياتية.
فقد كان “الشراكسة” يرددون عبارة (لا يوجد شيء إلّا وله نظام وقانون) أي خابزة، أي أنّهم وضعوا قاعدةً لكل ما له علاقة بحياتهم التي لها خصوصية قدر ما استطاعوا وفق الزمان والمكان الذي كانوا يعيشونه.
ويشار إلى أن عندهم أنّ “الأديغة خابزة” كانت ثابتةً تقريبًا لأزمان كثيرة، ويتمسكون بها بقوة، ويعملون على أنّها لا تتغير إلّا ببطء شديد وعلى مراحل متباعدة تاريخيًا.
عادات وتقاليد القبائل الشركسية
وفي السياق ذاته، فأن “الشركس” يقدسون 3 أشياء، هما: الأخلاق والقوة والوطن، فهم يقولون أنّ الإنسان منهم إن فقدَ أخلاقه فقَدَ قوته، وإن فقدَ قوته فقد وطنه. أخلاقهم كانت هي مصدر قوتهم منذ آلاف السنين أمام الغزاة والمستعمرين.
كما تحرص النساء المرضعات على إرضاع جميع الأطفال لربط الجيرة بصلة القرب، مما يجعل القرية كعائلة واحدة، وعند الزواج يناسب من القرى المجاورة، حيث أنّهم لا يحبون زواج الأقارب، ويستهزئون ممن يفعل ذلك.
عادات الزواج عند الشركس
عند الزواج لا يحضر أهل العروس إلى زفاف ابنتهم.
لا يوجد تعدد زوجات إلّا إذا استدعى الأمر لذلك كعدم قدرة الزوجة على الإنجاب، أو مرضها فتبحث هي بنفسها عن زوجه ثانية لزوجها لتسد مكانها.
لا يفضل الطلاق بين الشراكسة، ويعتبرونه قلة رجولة، ونقص في العقل، ويتم احتقار الرجل الذي طلق زوجته، وكذلك المطُلقة التي تفضل رجل آخر غير زوجها.
كما يبتعد الوالد عن الأطفال في صغرهم، ويتربى الأطفال ويترعرعون في حجور أمهاتهم، حيث أنّهم يعتقدون أنّ العاطفة والرجولة لا يجتمعان.
تقاليد الشركس
من عاداتهم وتقاليدهم الشهيرة، هي أنه عند سماع المؤذن يصلي على النبي محمد أكثر من مرة، فهذه إشارة إلى أنّ أحدهم قد توفي، فيسارعون بالذهاب إلى المقابر للمساعدة في الدفن.
كما يحترم الشركسي الكبير، فمن المعيب التدخين أمام الأكبر سنًا، ولا يجب إعطاء ظهرك للمسن نهائيًا، أمّا عند المصافحة فتصافحه بكلتا اليدين، أيضًا يجب الوقوف احترامًا عند مرور الكبير، وإذا كنت جالسًا مع مسنين، وسألك عن صحة والدك تقف نصف وقفة احترامًا لذكر الوالد، ويجب أن يجلس الأكبر سنًا في صدر المجلس، ولا يجوز للصغير أن يضحك، أو يتكلم بصوت مرتفع، أو أن يجلس بطريقة غير مؤدبة كأن يضع رجلًا على رجل أو أن يحدث شجار.
ومن عاداتهم أيضًا، أنه عندما يأتي ضيف أو يدخل القاعة غريب عنهم، فإنّ على جميع الجالسين أغنياءً كانوا أم فقراءً النهوض واستقباله بكل احترام، فلا تسمع للجالسين فيها صوتًا.
مشاهير الشركس
والجدير بالذكر أن هناك العديد من الشخصيات التاريخية المعروفة عبر التاريخ شركسية، أو من أصول شركسية نذكر منها الملك الظاهر بيبرس، قلاوون، ومن الفنانين المشهورين، حسين فهمي، نجلاء فتحي، رشدي أباظة، كما لمعت الكثير من الأسماء في سماء الأدب أمثال علي شوجينتسوك، وعليم كوشوقه، وباغرات شينكوبه، وإسحق مشباش، وكيراشه تمبوت، وغيرهم من الذين حازوا على جوائز عالمية في المسرح، والقصة، والشعر، ولقد نقلت كتاباتهم من اللغة الأم إلى لغات أخرى منها العربية.