حوارات و تقارير

“هنا القاهرة”..محطات في حياة شيخ الإذاعيين فهمي عمر 

 

على مدى تسعين عاماً، استمرت الإذاعة المصرية بثباتها، متحدية التحديثات، كمنارة مضيئة في عالم الثقافة والإعلام، تنير طريق المعرفة وتشعل شرارة الفكر في قلوب الملايين. من قلب القاهرة، أطلقت أولى كلماتها “هنا القاهرة” عبر أثير الإذاعة، وما زال صداها يرن في آذان الناس كصدى نبض الأمة، معلنًا عن ولادة صوت جديد، ينقل الأحداث ويرسم الصور، ويروي قصص الأمل والتطلعات.

في عالم الإذاعة المصرية، تبرز شخصية استثنائية، هي فهمي عمر، الذي بصم بتألقه وإبداعه على مدى عقود طويلة من الزمن. فهو ليس مجرد إذاعي بل ساحر يتلاعب بالكلمات ويسحر الآذان بصوته، ولا يقتصر دوره على إذاعة الأخبار والبرامج، بل يمتد تأثيره ليشمل العديد من المجالات، من الرياضة إلى السياسة. في هذه المقدمة، سنستعرض لحظات مهمة من حياة هذا الأيقونة الإذاعية، ونسلط الضوء على مساهماته البارزة التي جعلته لا ينسى في تاريخ الإعلام المصري.

يعد فهمي عمر، من جيل الرواد الذين أسسوا الإذاعة المصرية وشاركوا في بناء مكانتها المرموقة، يحمل معه ثراءًا من التجارب والخبرات والذكريات المهنية والشخصية، الضرورية لكل من يسعى إلى الاحتراف والوصول إلى قلوب الجمهور.

نشأته

ينتمي فهمي عمر همام بن يوسف بن أحمد بن محمد بن همام بن أبو صبيح سيبة إلى قبيلة الهمامية وهي أحد بطون قبائل الهوارة في مدينة نجح حمادي في شمال قنا، ويصل سلسال القبيلة إلى الحسين بن على، حفيد النبي محمد، ولد في محافظة قنا قرية الرئيسية …بمركز نجع حمادي في 6 مارس سنة 1928، درس بمدرسة ابتدائية بمدينة دشنا، وكان يذهب إليها بمركب نيلية، قاطعا مسافة عشرين كيلومتر للوصول إلى المدرسة، بسبب عدم وجود مدرسة بقريته، حصل على الشهادة الإبتدائية سنة 1940، كما حصل علي الشهادة الثانوية بمدرسته بمحافظة قنا، سعيًا بالالتحاق بكلية الطب أو المعهد العالي للكيمياء الصناعية، التحق بعدها بكلية الحقوق في جامعة الإسكندرية، تخرج فيها وحصل على درجة الإجازة العالية سنة 1949، ولذلك بسبب رغبة أسرته في التحاقه بسلك النيابة العامة ومنها يترقى ليصبح قاضيًا، حاول بعدها الالتحاق بسلك النيابة العامة، لكن لم يحالفه الحظ.

انضمامه للإذاعة

فيما بعد، بعد عام واحد من تخرجه، تقدم لاختبارات الإذاعة المصرية، حيث انضم إلى الإذاعة كمذيع خارج الميكرفون في عام 1950. خلال تلك الفترة، استمر في تطوير نفسه وتوسيع معرفته، وكان له الفرصة للالتقاء بالعديد من كبار المثقفين وقادة الرأي، حيث كان يلتقي بالضيوف قبل دخولهم الاستديو. ومن بين تلك الشخصيات البارزة التي التقى بها: عباس محمود العقاد، وسليمان نجيب، ومحمد فريد أبو حديد، وفكري أباظة، وزوزو نبيل، وسميحة أيوب، وشهرزاد، ولور دكاش، وغيرهم.

عام 1951، أطلق الصوت الإذاعي الشهير “هنا القاهرة”، الذي أصبح بمثابة رمز يعيش في ذاكرة الجميع حتى يومنا هذا. طيلة سنوات عمله في الإذاعة، استمر فهمي عمر في تطوير مهاراته واستيعاب فنون الإذاعة، حتى أصبح يتقن كل جوانبها بدقة واحترافية، ما جعله يحظى بشهرة واسعة تتجاوز حدود الوطن وتطأ أرض العالم.

في صباح يوم 23 يوليو 1952، كان فهمي عمر الإعلامي الأول الذي عرف بثورة يوليو، حيث فتح الميكرفون لمحمد أنور السادات، الذي قام بتلاوة بيان الثورة الأول. منذ ذلك الحين، أصبح السادات مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بفهمي عمر، حتى أطلق عليه لقب “المذيع الصعيدي”، الذي أصبح جزءًا لا يتجزأ من تاريخه ومسيرته المهنية، وذلك بعدما كتب عنه جليل البنداري في مجلة “آخر ساعة”.

أعماله الإذاعية

قدم فهمي عمر قدم العديد من البرامج الناجحة خلال مسيرته الإذاعية المميزة، من بينها برنامج “ساعة لقلبك”، الذي شهد تألق العديد من نجوم الكوميديا في مصر، وقدم البرنامج الرياضي عام 1954، وكان معروفًا بولعه بنادي الزمالك، حيث كان المؤسس والمعلق الأول على مباريات الدوري المصري، والشخصية الرئيسية في إذاعة الشباب والرياضة.

قام بتغطية العديد من الأحداث الرياضية الكبرى، مثل دورة ألعاب البحر المتوسط في برشلونة عام 1955، وست دورات أولمبية من روما عام 1960 إلى لوس أنجلوس عام 1984. كما قدم ثلاث حفلات للفنانة الكبيرة أم كلثوم، وبرنامج “مجلة الهواء” الذي كان من بين أشهر البرامج الإذاعية.

شغل منصب رئيس الإذاعة المصرية بين عامي 1982 و1988، وفي عام 1988 ودع مبنى الإذاعة والتليفزيون بعد مسيرة عمل دامت لسبعة وثلاثين عامًا، ترك خلالها بصمة لا تنسى في عالم الإذاعة المصرية.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى