منيرة ثابت.. رائدة مصرية تشق طريقها في مواجهة التيار
أسماء صبحي
منيرة ثابت هي امرأة استثنائية حققت العديد من “الأوائل” في تاريخ مصر. فهي أول فتاة مصرية تحصل على شهادة الحقوق الفرنسية. وأول مناضلة سياسية في مصر، وأول صحفية نقابية، وأول رئيس تحرير لمجلة سياسية. كما ساهمت في إنشاء نقابة الصحفيين المصرية.
نشأة منيرة ثابت
ولدت منيرة في الإسكندرية عام 1906 لأب يعمل بوزارة الداخلية وأم تركية الأصل. وكان لوالدها وصديقه سعد زغلول تأثير كبير في تشكيل شخصيتها. إذ كانا يناقشان معها باستمرار الحركات النسائية والحقوق المدنية والنهضة السياسية والاجتماعية.
بدأت مسيرة منيرة التعليمية في مدرسة إيطالية بالقاهرة، حيث تعلمت اللغتين الإيطالية والإنجليزية. ثم انتقلت إلى مدرسة ابتدائية حكومية مصرية وحصلت على الثانوية العامة عام 1924. وبعدها التحقت بمدرسة الحقوق الفرنسية في مصر، لتكون أول مصرية تحصل على شهادة الليسانس من باريس.
وأثناء دراستها بمدرسة الحقوق في سن السابعة عشرة، بدأت رحلتها في الكتابة السياسية. فكانت تنشر مقالات في جريدة “الصباح” تنتقد الاستعمار والدستور الذي أغفل حق المرأة في الانتخاب. وأثارت مقالاتها استياء الحكومة، لكن ناظر المدرسة دعم موقفها استنادًا إلى مبادئ الحرية الأكاديمية. وبذلك تم الاعتراف بها كصحفية سياسية في سن مبكرة.
وخلال دراستها في فرنسا، مثلت منيرة مصر في مؤتمر ببرلين عام 1928، باعتبارها أفضل صحفية في مصر في ذلك الحين.
عميدة الصحفيات المصريات
“لست منكرة للاتهام ولست مدعية للشرف”، هذه العبارة نسبت إلى منيرة ثابت أثناء التحقيق معها في قضية سب وقذف صحفي وتهديد التدخل الأجنبي في مصر. على الرغم من ذلك، أعفتها المحكمة من المسؤولية القانونية لكونها قاصر.
وفي عام 1926، كانت منيرة ثابت أول صحفية مصرية تنضم إلى النقابة المحلية. وصِفت بأنها “عميدة الصحفيات المصريات”. وبدأت مسيرتها المهنية في المحاماة بالمحاكم المختلطة، ثم توجهت إلى عالم الصحافة. وأصدرت جريدة “الأمل” التي ناضلت من خلالها من أجل حقوق المرأة في التعليم والزواج والطلاق.
نافست منيرة ثابت كبار الصحفيين في عصرها، كفكري أباظة والدكتور عبد القادر حمزة الذي تزوجته لفترة قبل الانفصال عنه. عملت بعدها في جريدة “الأهرام” ثم أعادت إصدار جريدة “الأمل” كمجلة سياسية. إلا أنها توقفت بعد صدور قانون 1960 الذي نقل ملكية الصحف إلى الاتحاد الاشتراكي.
كان لمنيرة ثابت دور وطني بارز، فقد تطوعت للدفاع عن مصر أثناء العدوان الثلاثي. وبعد فقدان بصرها والعلاج على نفقة الدولة، توفيت في سبتمبر 1967. وخلّفت وراءها إرثًا حافلاً بالنضالات والإنجازات.