نور الدين زنكي: الحاكم العادل والمدافع عن وحدة الشام وتأمين مصر
ولد الملك العادل نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي في 11 فبراير 1118م في مدينة الموصل. نشأ في بيئة عسكرية وسياسية، حيث كان والده عماد الدين زنكي أحد أقوى حكام عصره. تلقى نور الدين تعليمًا دينيًا وعلميًا راقيًا، ونشأ على مبادئ الإسلام والقيم العربية الأصيلة.
ضم مصر
بعد أن نجح نور الدين في ضم دمشق، أصبحت العاصمة لدولته ومنطلق حكمه، مما جعله ملكًا لدمشق وموحدًا للشام. تلاحظ أن الصليبيين لم يعد لديهم طريق للتوسع سوى جنوبًا، بعد أن أحكم نور الدين سيطرته على بلاد الشام.
في هذا السياق، توجهت أنظار الصليبيين نحو مصر باعتبارها الميدان الجديد لتوسيع نفوذهم، خاصة مع ضعف دولة الفاطميين في مصر. استولى الصليبيون على عسقلان، مما دفعهم إلى التفكير في غزو مصر، خصوصًا أن الفوضى كانت سائدة في البلاد.
أثناء هذه الفترة، قاد عموري الأول، ملك بيت المقدس، حملة لغزو مصر في عام 1163. كانت هذه المحاولة تأتي كرد فعل على عدم التزام الفاطميين بدفع الجزية له. وعلى الرغم من فشل هذه الحملة، إلا أن نور الدين لم يستسلم، بل قاد حملات مستمرة ضد الصليبيين في الشام لتشتيت انتباههم ومنع استعدادهم لغزو مصر.
تم تسليط الضوء على الملك نور الدين وإرادته القوية في الحفاظ على وحدة الشام ومنع تقدم الصليبيين. في هذا السياق، تم إرسال حملات عسكرية من دمشق بقيادة “أسد الدين شيركوه” وصلاح الدين الأيوبي لتحقيق أهداف نور الدين في تأمين مصر.
في النهاية، بعد سباق محموم مع الصليبيين، نجح أسد الدين في الفوز بمصر في عام 1169. تم اعتقال شاور، الحاكم الفاطمي السابق، وأصدر العاضد أمرًا بقتله. بفضل هذه الحملة النورية الثالثة، تم توحيد القاهرة تحت حكم نور الدين زنكي، الذي استمر في تعزيز نفوذه وصياغة تاريخ المنطقة في تلك الفترة
إنجازات نور الدين
العدل والقوة: اتّسم حكم نور الدين بالعدل والإنصاف، فكان يُنصف المظلوم ويحكم بين الناس بالعدل، ونال لقب “الملك العادل” عن جدارة. كما كان قائدًا عسكريًا فذًا، وقاد العديد من المعارك ضد الصليبيين، وتمكن من استعادة العديد من المدن التي احتلوها، أشهرها مدينة دمشق.
الجهاد ضد الصليبيين: كرس نور الدين حياته لمحاربة الصليبيين، ونذر نفسه لتحرير الأراضي الإسلامية من سيطرتهم. ونجح في توحيد بلاد الشام تحت حكمه، وقام بتنظيم جيش قوي، وشنّ العديد من الغارات على معاقل الصليبيين.
الإصلاحات الدينية: عمل نور الدين على نشر الإسلام الصحيح ومحاربة البدع، وقام بإنشاء العديد من المدارس الدينية لنشر العلم الشرعي. كما اهتم بإصلاح القضاء وتنظيم الإدارة المالية.
العمران: بنى نور الدين العديد من المساجد والمدارس والمستشفيات في مختلف أنحاء بلاده، وشجع على العلوم والآداب. كما اهتم بتطوير الزراعة والتجارة، وسعى لتحسين مستوى المعيشة لشعبه.
توفي نور الدين زنكي في 15 مايو 1174م بعد صراع مع المرض، تاركًا خلفه إرثًا عظيمًا من الإنجازات والبطولات.