تاريخ ومزارات

حكاية الحسناء البريطانية “أم سيتى”.. حارسة المعبد وعشيقة الفرعون

أميرة جادو

في أحدى ضواحي جنوب لندن 16 يناير 1904 ولدت طفلة جميلة تدعى دورثي لويس، لأبوين من أصل أيرلندي. وحين بلغت دورثي سن الثالثة، وبينما كانت تلهو في منزل العائلة في ضاحية بلاك هارت سقطت من أعلى السلم إلى الطابق السفلى لترتطم رأسها بالأرض وتدخل في غيبوبة.

فارقت الحياة وعادت من جديد!

أعلن طبيب الأسرة أن دورثي فارقت الحياة، وطلب تكفين الفتاة وتجهيزها للدفن، ووسط صدمة الأبوين، فاقت دورثي من غيبوبتها بشكل عادي وفي حالة جيدة، وبدأت الصغيرة تردد “أريد العودة إلى بيتي” ليخبرها والداها أنها بالمنزل، لكنها تصرّ في عصبية إن بيتها ليس هنا وتبدأ في إعطاء أوصاف لبيتها المزعوم.

قصص غريبة عن ابيدوس

كانت تروي لامها قصص غريبة عن معبد ابيدوس و الملك سيتي التي رأت صورته من قبل واكدت انها تعرفه مؤكدة لامها ان الملك سيتى الاول يزورها فى منامها طالبا منها العودة للوطن كما اخبرتها بزيارات الإله حور رع لها في أحلامها، وأنه أخبرها أنها فتاة مصرية اسمها “بنترشيت” لأب يعمل في سلك الجندية، ولأم تعمل بائعة خضراوات في عهد الملك سيتي الأول الذى اتخذها معشوقة له

بعد مرور عام على الحادثة اصطحبها والدها في رحلة إلى المتحف البريطاني، وما إن رأت التماثيل الفرعونية حتى تبدل حال الطفلة الصغيرة، وبدأت تدور حول التماثيل وتقبل أقدامها وتصرخ وطني وسط دهشة الأب وزائري المتحف، الأمر الذي دعى والدها لإبعادها عن المتحف حتى لا تثير قلق الزوار.

حين بلغت سن العاشرة تعلمت الهيروغلفية على يد عالم الآثار الإنجليزي الشهير السير بادج، الذى دهشه سرعة تعلمها وحين سألها عن ذلك قالت

“إنها تتذكر فقط ما تعلمته من قبل”، فقد كانت ما زالت تصر على أنها آتية من ذلك الزمن البعيد، وأنها في حياتها السابقة كانت جزء من بلاط الملك الفرعوني سيتي الأول.

تزوجت دورثى من شاب مصرى لتنجب ابنها الوحيد الذى اطلقت عليه اسم سيتى، واصطحبها زوجها إلى مصر فى عام 1933.

وبمجرد نزولها إلى ميناء بور سعيد تنحني مقبلة الأرض ومبللة رصيف الميناء بدموعها. ولكن سرعان ما وقع الطلاق لرفضها ترك وطنها مصر. و السفر معه وعلى ما يبدو أن الزوج أخذ الطفل سيتي معه لأن جميع المصادر التي تحدثت عنها لم تذكر الطفل مجددا .

عاشت بالقرب من الأهرامات 

بعد الطلاق تنتقل دورثي للعيش في منطقة نزلة السمان، بالقرب من أهرامات الجيزة، ترسم وتسجل وتكتب وزادت على ذلك أنها كانت تقوم بطقوس تشبه الصلوات أمام الأهرامات.

سمع عنها في تلك الفترة الأثاري المعروف الدكتور سليم حسن (1868-1961). الذي كان يقوم بحفريات في منطقة الجيزة فاستضافها في منطقة أثار الجيزة ووظفها كرسامة في فريقه الأثري.

من خلال عملها شاركت دورثي في بعض رسومات الموسوعة الكبيرة التي كتبها حسن تحت اسم موسوعة مصر القديمة. وبذلك كانت أول سيدة في مصر تعمل في مصلحة الآثار المصرية. وبعد انتهاء عملها في فريق سليم حسن تنتقل للعمل لصالح الأثاري الدكتور أحمد فخري في منطقة دهشور .

في عام 1956 قررت أن تلبي نداء روحها لتذهب إلى جنوب مصر وتحديدا إلى العرابة المدفونة “قرية أبيدوس.

السيدة غريبة الأطوار 

بمجرد وصولها تخبر مفتشي الآثار أن هذا هو بيتها، بالطبع لم يصدقها المفتشون فدلتهم على بعض النقوش المكتشفة حديثا والتي لم تكن ترجمت. فتترجمها لهم. الأمر الذي أثار دهشة المفتشين، فلقبوها بالسيدة غريبة الأطوار.

لم يتوقف الأمر عند الدهشة فقط، بل واجهت دورثي رفض وجودها من نساء القرية. اللواتي خشين تأثير جمالها على أزواجهن. ما عرضها للرجم بالحجارة من قبل الأهالي، ومع كل مرة تصر أنها في وطنها وبيتها.

وفي النهاية تقرر إحدى العائلات الكبيرة في القرية الحنو عليها وتخصيص طفل لحراستها. وبفضل وساطة الدكتور سليم حسن تحصل على عمل في معبد أبيدوس وتشتهر دورثي باسم أم سيتي.

كشفت حديقة المعبد 

أثناء عملها في أبيدوس تنجح في ترجمة العديد من النصوص الهيروغليفية بالمعبد، كما تكتشف حديقة المعبد، وترمم أجزاء كبيرة منه. ونظرا لجهودها تقرر هيئة الآثار مد خدمتها إلى ما بعد التقاعد .

عاشت أم سيتي 25 عامًا في أبيدوس واشتهرت باهتمامها بتأصيل العادات التراثية والشعبية للأهالي، وربطها بالتاريخ المصري القديم. بعد تقاعدها الرسمي عام 69 استمرت هيئة الآثار في الاستعانة بها من آن لآخر. وكان مسموحا لها بإرشاد السائحين. كما كانت تقوم بعمل بعض الأشغال اليدوية والتي كانت تلقى قبولا من السائحين

زاع صيت ام سيتى وانتشر كثيرا .. وكان زوار منطقة ابيدوس من الاجانب او المهتمين بالحضارة الفرعونية يضعون زيارتها على رأس برنامجهم لزيارة المنطقة.

توفيت سيتى يوم 21 ابريل عام 1981 م .. ودفنت فى مقبرتها التى اعدتها لنفسها قبل وفاتها والتى حرصت ان تكون بعيداً عن مقابر المسلمين والمسحيين ولكن قريبة من اهلها المصريين القدماء ومعشوقها سيتى الاول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى