تاريخ ومزارات

القصة الكاملة لـ شارع كلوت بك في وسط القاهرة

شارع كلوت بك في وسط القاهرة يحمل بين طياته تاريخا يعج بالمتناقضات والأحداث المشوقة. قصته تنسج خيوطًا من العلم والطموح والظلام في لوحة متعددة الألوان.

يعود اسم الشارع إلى أنطوان براثيليمي كلوت بك، طبيب فرنسي بارز أحدث نهضة طبية في مصر خلال القرن التاسع عشر. استدعى محمد علي باشا كلوت بك لتنظيم وإدارة الصحة العسكرية، فأثرى النظام الصحي وأسس مدرسة الطب التي تطورت فيما بعد إلى قصر العيني الشهير.

بمجرد مجيء الحملة الفرنسيةالحملة الفرنسية لمصر في القرن الثامن عشر، تحوّل شارع كلوت بك إلى مركز عسكري حيوي. وفرة الحبوب في المنطقة واستراتيجية موقعه القريب من ميدان رمسيس جعله هدفًا للجنود الفرنسيين الذين أسسوا فيه مخيماتهم. وبحلول القرن العشرين، تحول الشارع إلى بؤرة للحياة الليلية المشبوهة ليرتبط اسمه بالبغاء والملاهي الليلية، ما أفقده بريقه الطبي والعلمي.

لم يرضَ أبناء المنطقة بهذا التحول القاتم، فتضافرت جهود سكان وأكاديميين ورجال دين لإعادة رسم صورة الشارع. تأسست جمعيات ومنظمات تعمل على استعادة الوجه الأثري والتاريخي للمنطقة، وإحياء تراث كلوت بك الطبي العريق. وتم ترميم مباني عتيقة وتحويلها إلى مسارح ومتاحف ومدارس تحكي قصة الطبيب الفرنسي ومحاولات النهضة الطبية الحديثة في مصر.

في الوقت الحالي يمثل شارع كلوت بك حالة من التوازن الهش بين تراثه المشرق وماضيه المظلم. لا تزال المباني القديمة تهمس بحكايا الأطباء والجنود والعاملات في بيوت الدعارة. يتعايش أصحاب المحلات التاريخية مع المقاهي الليلية في رقصة غريبة تجمع القديم والجديد.

 

شارع كلوت بك قصته لم تكتمل بعد، فهو في حالة تطور مستمر، يحاول فيه الماضي والحاضر والمستقبل التفاوض على هوية شارع استحوذ على عقول وقلوب سكان القاهرة لأجيال متعاقبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى