التدين والأساطير الصهيونية …
بالرغم من وحدانية الكتب المقدسة لكل دين (النص الدينى). مع ذلك نرى فى كل دين وبلا استثناء الفرق والجماعات والطوائف المختلفة بل المتناقضة أحيانا فى إطار الدين الواحد وعلى أرضية النص الدينى ذاته.
ذلك يعود إلى التفسير الشخصى والتأويل الذاتى وتفسير الجماعات التى تسخر النص لصالحها الشخصى والطائفى والتنظيمى. هنا الفارق الكبير بين النص الدينى (الدين) وبين التدين الذى هو فكر وفعل إنسانى غير مقدس قابل للصواب والخطأ . الصواب من جانب من تم إقناعهم بهذا التدين وخطأ لمن لم يقتنعوا بهذا الفكر الدينى .
ولذا فهذا التدين المعتمد على فكر دينى بذاته يعتمد على تطويع النص وتفسيره لكى يحدث توافق بين النص وبين مايريدون من تحقيق مصالح سياسية أو اقتصادية أو دينية أو تنظيمية تسخيرا واستغلالا للنص، حتى يضفى قداسة وجلالة على مايريدون من تحقيق أهداف استغلالا للنص، واللعب على العاطفة الدينية.
على ذلك نرى ونشاهد تلك الجماعات التى تستغل الدين خاصة من جانب من يريدون الاستغلال السياسى فى المقام الأول، وقد كان هذا الاستغلال السياسى للنص مصاحبا للبداية وفى كل الأديان. بداية من اليهودية التى تم استغلال نصوصها سياسيا كاخطر مايكون الاستغلال. وقد ظهر هذا جليا فى تلك المؤامرة الاستعمارية التى سعت وتوافقت على إنشاء مايسمى بالوطن القومى لليهود!! بالرغم من تشتت اليهود بعد هدم الهيكل عام ٧٠ ميلادية حسب نبوءة السيد المسيح. وقد تم تشتتهم فى كل بقاع الأرض، الشئ الذى يعنى أن كل يهودى يقيم فى اى دولة فهو مواطن يحمل اسم هذه الدولة ويدين بالديانة اليهودية مثله مثل المسيحى والمسلم (وأى ديانة أخرى) فاليهودى المصرى كان مصريا يهوديا. وهذا يعنى أن الواقع العملى والفعلى الذى كان هو عدم وجود دولة بذاتها يطلق عليها اسرائيل تضم بين جنباتها اليهود، ولكن استغلال النص فى تحقيق مايريدون من مصالح سياسية.
فلم يكن هرتزل فى البداية يقصد فلسطين كوطن قومى لليهود، ولكن كانت هناك كثير من الدول. ولكن توافق المصالح الاستعمارية مع الصهيونية كأيدلوجية وهى غير اليهودية كدين، اختاروا فلسطين تحت مزاعم تفسيرية خاطئة تعتمد على وجود يهود فى المنطقة وعلى وعد الله لهم بهذه الأرض . فى الوقت الذى يؤمن به اليهود المتدينين بعيدا عن الأهداف السياسية فهم يؤمنون أن هذا الوطن سيأتى فى اخر الايام انتظارا لمجئ المسيح الذى سيحقق لهم أرض الميعاد هذه بعد الانتصار العسكرى كقائد محارب قاهر فى الحروب.
ولذا نرى نتيجة لهذه المجازر غير المسبوقة إنسانيا التى يقترفها اليمين الدينى الصهيونى الإسرائيلى فى غزة. نرى يهود يقودون مظاهرات فى أنحاء العالم رفضا لهذه الممارسات غير الإنسانية، بل يرفضون إقامة تلك الدولة المزعومة من الأساس .
ولو مددنا الخط على استقامته لهذا الفكر الدينى اليهودى الخاطئ، نرى نتنياهو وأمثاله يستغلون ويستشهدون الآن بنصوص توراتية تحلل لهم وتجيز من وجهة نظرهم السياسية الاستعمارية مايفعلون من مجازر يرفضها العقل وتسقطها الإنسانية. فيتحدثون الان عن سفر ( يشوع) الذى يقول باسم الرب (إذا دخلتم قرية فلابد أن تقتلوا رجالها ونسائها وأطفالها وجاموسها وبقرها وتحرقون زرعها …الخ ) . ارأينا لماذا نشاهد تلك الممارسات التى لا علاقة لها بدين أو اخلاق أو انسانية وألتى يبررونها بفكر دينى خاطئ ومنحط ؟!!!
وبالطبع هناك فكر دينى خاطئ فى كل الأديان يبرر الكثير من الممارسات الإرهابية والاستغلالية وغير إنسانية لتحقيق وتبرير افكار وممارسات تتناقض كل التناقض مع صحيح الدين وقيمه واخلاقياته وانسانياته . حفظ الله الإنسان، مطلق إنسان، من شرور وخطايا الإنسان.
حمى الله مصر وشعبها العظيم.
——————————–
بقلم: جمال أسعد