المزيدكتابنا
أخر الأخبار

 ماذا تريد من الرئيس؟

ذوي الهمم (الجزء الأول)..

ماذا تريد من الرئيس؟

ذوي الهمم (الجزء الأول)

بقلم: أ.د. صالح محمد صالح

أستاذ التربية العلمية بكلية التربية والعميد الأسبق لكلية التجارة جامعة العريش

 

في الوقت الذي يولي فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي بالغ اهتمامه بذوي الهمم، وسنت من أجلهم القرارات والقوانين التي ترعاهم وتهتم بهم؛ فإنه للأسف مازال الروتين العقيم يسيطر على عقول أناس تصلبت قلوبهم وتحجرت، وللأسف هؤلاء يتبوؤون مناصب عليا تؤثر في القرار؛ لذا فأولى مطالبنا من الرئيس القادم هو تفعيل القوانين والقرارات التي تصب في مصلحة ذوي الهمم، وأن من يعطل هذه القوانين يقع في بوتقة المجرم!.. نعم مجرم إنسانية في تعذيب صاحب إعاقة.. وأحكي لكم القصة من بدايتها لتحكموا معي على هذا الإجرام!!

شلل الأطفال

ولدت كأي طفل عادي سليم معافى. وسرعان ما أصبتُ بالمرض اللعين الذي سيطر في ذلك الوقت على سماء مصر في أواخر الستينات. وهو انتشار فيروس شلل الأطفال، لم يصبني في رجلي اليمنى فحسب. بل في رجلي اليسرى تمامًا، وأصبح النصف الأسفل يتحرك كالأرجوحة. ولولا لطف الله ثم عناية والدي رحمة الله عليه، ورعاية أمي أطال الله في عمرها، وجهد عمتي متعها الله بالصحة؛ لكنت حبيس كرسي متحرك طوال العمر..

فقد نجحت المساعي والجهود وقبلها الدعوات في أن تكون الإصابة في رجلي اليسرى فحسب، ونحمد الله على ذلك.. صحيح عذبتني مصمصة الشفاه والتأوهات التي تخرج من أناس رثاء لحالي، والعبارات التي لا تخلو من تنمر واضح؛ إلا أنني -كأي شخص من ذوي الهمم- عوضت هذه الإعاقة تعويضًا مباشرًا بتفوقي في لعب كرة القدم كحارس للمرمي!!.. وتعويضًا غير مباشر بتفوقي الواضح دراسيًا حتى أنهيتُ دراستي الجامعية باحتلالي المركز الأول على الكلية، وتعييني معيدًا فيها.. لن أطيل عليكم؛ فأنا لست بصدد كتابة قصة حياتي!!

حلم شاب

كحلم أي شاب يريد أن يقود سيارة لاسيما من هم على شاكلتي، ولأنني لم أولد وفي فمي ملعقة من ذهب؛ إلا أن الحلم بدا بعيدًا بعيدًا.. ومنذ تخرجي عام 1987 لم استطع قيادة سيارة خاصة حتى عام 2008 عندما سافرت إلى السعودية في عقد إعارة لم تدم مدته كثيرًا.. نعم 21 عامًا كاملة لكي أقود سيارة خاصة!!..

وعندما عدت إلى مصر في عام 2010 حاولت أن أقود سيارة مجهزة معفاة حسبما خولها لي القانون، وكانت المفاجأة التي تشبه الكوميديا السوداء؛ أنني لا أعاني من أية إعاقة!!.. هكذا حكم أناس في المجالس الطبية المتخصصة جل عملهم الصياح في وجوه الناس، ونهرهم، وحينما تدخل عليهم؛ فإنك تدخل ومعك خمسة من ذوي الهمم؛ ويوقعون الكشف الطبي علينا في آن واحد متجردين من بعض ملابسنا، ولتذهب الخصوصية إلى الجحيم..

مشهد مزري مهين لإنسانيتك يجعلك تكره نفسك ومن حولك، وفي ظل هذا الضجيج والجلبة من الطبيعي أن يخطئ أحدهم ويكون تقريرك سليم ولا يستحق. وربما أصبحت في سرعة اللاعب محمد صلاح، أو في قوة الملاكم محمد علي كلاي.. نعم خرج القرار أنني لا استحق، وأنه لا توجد إعاقة..

مع كل هذه التقارير الطبية، واختبارات الأعصاب، والأشعات؛  ناهيك عن رؤي العين التي لا تكذب؛ فإن التقرير خرج بأني سليم!!.. عندها أيقنت أنني أتعامل مع عقليات ليست متحجرة فحسب، بل صلدة القلوب قاسية، والمناقشة معهم لا طائل منها!!

القومسيون الطبي

من مدخراتي الضئيلة التي عدت بها من السعودية؛ اشتريت سيارة خاصة وأهملت حكاية حقوقي، وتناسيتها بالفعل، حتى جاء عام 2016م وقلت لنفسي: من المؤكد أن هذه العقليات قد تغيرت ولانت، خاصة مع التوجيهات الرئاسية والسيادية. وتوجهت للمجالس الطبية المتخصصة أو القومسيون الطبي التي رأت للمرة الثانية في مشهد هزلي أنني لا أعاني من إعاقة، وأن حالة شلل الأطفال غير متواجدة، وللمرة الثانية رأيتني أنني لا أحتاج إلى هذا العبث وأنه لا قول إلا: حسبنا الله ونعم الوكيل.. وأن حمارتك العرجاء تغنيك عن سؤال اللئيم، إلا أن سيارتي المتواضعة بدأت تعاني خاصة مع قدم الموديل الخاص بها. لذا توجهت وكلي خيفة للمرة الثالثة في عام 2019م، وبتشجيع متواصل من زوجتي؛ لتحدث المعجزة من وجهة نظري؛ فقد أنصفني التقرير أخيرًا!!.. أخيرًا سأشتري سيارة جديدة بموجب هذا الخطاب، ولكن هيهات.. هيهات.. فقد اصطدمت بأني لم استخرج ما يسمى ببطاقة الخدمات المتكاملة!!

يتبع.. !! انتظروا الحلقة الثانية خلال ساعات.. ماذا تريد من الرئيس؟

#تستكمل

#انتخابات_الرئاسة

#ماذا_تريد_من_الرئيس

#حلقات_مستمرة

#ذوي_الهمم1

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى