رجم حصان أبو زنَّة وخط المزراق.. قصص الأثر السيناوية
سيناء – محمود الشوربجي
تحتوي شبه جزيرة سيناء على كثير من قصص الأثر السيناوية والعلامات التي تدل على وقوع حدث ما هنا. نعم! المتجول في صحرائها يرى علامات كثيرة إما رجم أو خط أو شارة أو علم.. إلخ. لكن لكل علامة تحوي قصة واقعة ما أو حتى حلم.
كما تحتوي بعض المناطق في سيناء أحيانًا على رجوم أو خطوط، لم تكن تدل على حدث ما. وإنما قد يكون ناتج عن حلم لصاحبه فأنشأ الرجم أو الخط خصيصًا للحلم.
أما الرجم يدل على حدث سيء قد وقع في السابق، ويرجمونه بالحجارة أو يوبخونه ويعتبرونه حدث شؤم. وفي طريق القوافل القديم رجم حصان أبو زنة، على طريق القوافل على نحو ساعة جنوبي غرندل رجمان من الحجارة أحدهما أكبر من الآخر، وبينهما نحو ١٥ مترًا، يطلق عليهما «رجم حصان أبو زنَّة».
قصص الأثر السيناوية
وفي هذا الصدد ذكر نعوم شقير في كتابه تاريخ سيناء والعرب، أن كل ما قيل في أصل هذا الرجم مختلق غير معقول، من ذلك: أنَّ جبَّارًا من جبابرة النصارى كان فارًّا من وجه أعدائه. فأدركوه في هذا المكان، فأعمل بشاكلة جواده المهماز، فقفز من مكان الرجم الصغير إلى مكان الرجم الكبير ووقع ميتًا، فأقاموا هناك رجمين للدلالة عليه، ومن ذلك الحين كلما مرَّ عربي من هناك قال: «اخسأ يا حصان أبو زنَّة»، ورمى الرجم الكبير بحجر إلى اليوم، قالوا: وهم يلعنونه؛ لأن موته كان السبب في أسر صاحبه.
خط المزراق:
وعلى نحو ربع ساعة إلى الجنوب من «رجم حصان أبو زنَّة» «خط المزراق»، وهو ثلم في الأرض يحاذيه خمسة رجوم من الحجارة، بين كل رجم وآخر نحو مترين، وعلى مقربة منه لجهة الغرب تل عليه رجم من الحجارة، قالوا في خبر هذه الرجوم والخط: إنَّ بنتًا بدوية كانت ترعى غنمها في ذلك المكان، فمرَّ بها ثلاثة من البدو: شابان وكهل، وسألوها شربة من لبن الغنم، وكان معها طاس فضة، فسقت الشابين بطاس الفضة، وسقت الكهل بكفه، وكان الكهل شهمًا أبيَّ النفس، فساءه استخفافها به، وقال لها: أودُّ لو هاجمك اللصوص في هذه البرية لنرى منا يشرب بطاس الفضة، ولم يتم كلامه حتى هاجمهم جماعة من اللصوص، فاختطفوا البنت وساقوا غنمها، واعتصموا بالتل المجاور، ففر الشابان وثبت الكهل يقاتل اللصوص وحده بالسيف والمزراق، حتى أجلاهم عن التل، وأنقذ الصبية وغنمها من أيديهم، فأعجبت الصبية ببسالته، وقالت: حقًّا إنك أنت الجدير بطاس الفضة، ثم ملأته لبنًا وقدمته إليه ليشرب، فأبى وقال: لا أشرب بطاس الجبناء وشرب بكفه، فزادت الصبية إعجابًا به وتزوجته برضى أهلها، وأقامت له هذا الأثر إحياءً لذكره، وما زال العرب يحيون هذا الأثر كلما عبثت به الرياح إلى اليوم.