العقاب.. المعركة التي أسقطت دولة المسلمين في الأندلس
أسماء صبحي
لم يكن يوم 16 يوليو 1212 يوماً عادياً في تاريخ المسلمين، فقد حمل معه نكبة قاسية. تمثلت في هزيمتهم في معركة العقاب ، والتي شكلت بدورها منعطفاً خطيراً في تاريخ دولتهم بالأندلس.
أسباب المعركة
لكن قبل هذه المعركة، وجدت معطيات وأحداث مهدت لها، أبرزها قيام البابا أنوسنت الثالث بتوجيه نداء إلى كل أوروبا. قال فيه: “هى حرب صليبية لا يحل الغفران على من لا يساعد أو لا يشارك فيها”. كان هذا النداء دفعة كبيرة في إحدى الحروب ضد دولة الأندلس التي ساهمت في زوالها عام 1492، وكان إعلانها عام 711 ميلادية.
وفى وقائع المعركة تفاصيل تبدأ قبل 16 يوليو 1212، حيث قام الفونسو الثامن بتأليب مسيحي أوروبا ضد المسلمين في الأندلس. ونجح في ذلك مما شجعه في عام 1209 على نقض هدنة كان وقعها عام 1195 مع “الفونسو” بعد هزيمته فى معركة “الأرك” عام 1195. وكان نتيجة هذا النصر توطيد حكم المسلمين في الأندلس وتوسعة أراضيهم. لكن ذلك لم يروق ابداً لألفونس الثامن فتحين الفرصة للانتقام.
تجسد نقض الهدنة من ألفونس الثامن فى اقتحامه لحصن رباح فى وسط الأندلس. فأعلن السلطان محمد الناصر الجهاد وأمر بتجهيز الجيوش لإيقاف المد الصليبي. وكان قوام جيشه نحو 300 ألف مقاتل وقدره آخرون بنحو نصف مليون لكثرة عدد المتطوعين.
معركة العقاب
سارع “الناصر” بجيشه واستقر فى إشبيلية وأرسل جزءاً من جيشه لتحرير قلعة رباح. وبعد حصار دام 8 أشهر استطاع المسلمون أن يعيدوا ذلك الحصن. واستغل الفونسو الثامن هذا الوضع بعث إلى البابا أنوسنت الثالث يدعوه إلى الإعلان عن حرب صليبية فى أوروبا. واستجاب له البابا، فأمر بمساعدته وأعلنها حربا صليبية لا يحل الغفران على من لا يساعد ولا يشارك فيها. فأرسلت إيطاليا وفرنسا الجنود لدعم هذا التحالف المسيحي الذي يدير معركته باسم الدين.
كانت شرارة القتال بين الطرفين على أطراف جبال “الشارات” يوم 16 يوليو 1212. وبالرغم من البداية القوية لجيش محمد الناصر إلا أنه لم يواصل بنفس درجة قوة البداية. مما أدى إلى هزيمته ومقتل الكثير من المقاتلين وانسحب الباقي إلى بلاد المغرب.
وبالغت الروايات الأسبانية في قولها إن عدد القتلى المسلمين في هذه المعركة بلغ 100 ألف. أما محمد الناصر ففر من ميدان المعركة بعد أن رأى هزيمة جيشه ومقتل ابنه في القتال. وجلس فى خيمة منتظراً الموت أو الأسر، إلا أن جموع المسلمين المنسحبة أجبرته على الفرار معها. فانطلق حتى وصل إلى إشبيلية ومنها إلى مراكش وتوفي بعدها بفترة قصيرة.
وعجلت هزيمة “عقاب” بسقوط دولة الموحدين في المغرب وجنوب أسبانيا والتي زالت نهائيا عام 1252 م.