سيناء – محمود الشوربجي
مما لا شك فيه أن القبائل العربية كانت تقطن سيناء قبل الفتح الإسلامي، فكانت على سبيل المثال مضارب قبيلتي بنو راشدة ولخم بجبل الحلال قرب العريش، ونفرت هاتان القبيلتان مع عمرو بن العاص بعد وصوله العريش في طريقه لفتح ِمصر، ومن ثم أخذت القبائل تتوافد على سيناء سواء مرورًا أو استقرارًا.
وذكر الأستاذ الدكتور سامي صالح البياضي، الباحث الآثاري ، لـ «صوت القبائل العربية» أن من هذه القبائل العريقة التي تسكن سيناء قبيلة البياضية، قائلا أن الحديث عن أنسابها وديارها حديث ذي شجون، فهي من قبائل جُذام القحطانية، ومن أقدم القبائل العربية في سيناء، وهم بني بياضة الأنصاري الخزرجي الجُذامي، ويسمون اليوم البياضية.
وذكر الباحث الأثاري الدكتور سامي البياضي، أنسابهم وديارهم على النحو التالي:
– أنسابهم:
كانت قبيلة البياضية الحالية تُعرف قديماً في كتب الأنساب باسم بني بياضة، وهم من جُذام، فقد ورد عند الهمداني ( ت 333هـ/539م ) نسبهم في كتابه صفة جزيرة العرب حيث قال:” بنو بياضة من جُذام “. والجُذاميون هم قوم النبي شعيب عليه السلام أصهار موسى عليه السلام، فقال البكري في معجمه: “مدين منازل جُذام”، والصحيح في نسبه أنه جذام بن عدي بن الحارث ابن مرة بن أدد بن زيد بن عمرو بن عريب بن زيد بن كهلان …، وشعيب النبي المبعوث إلى أهل مدين أحد بني وائل من جُذام. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لوفد جذام: “مرحبًا بقوم شُعيب، وأصهار موسى، ولا تقوم الساعة حتى يتزوج فيكم المسيح ويُولد له”.
وأوضح “البياضي” أن قبيلة البياضية يبدأ تاريخها مع الإسلام بأنها أصبحت من قبائل الأنصار، فهم بنت بياضة بن عامر بن رزيق بن عبد حارثة بن مالك بن غضْب بن جشم بن الخزرج ، فكان ممن بايع النبي صلى الله عليه وسلم، ليلة العقبة بشعب البيعة بالقرب من مِنى اثنان من بني بياضة، ذكرهم مؤرخ مكة المكرمة الفاكهي ( ت 722هـ/890م ) فقال: “من شهد العقبة من الأنصار …، ومن بني بياضة بن رُزَيق: زياد بن لبيد بن ثعلبة، وفَروةُ بن عمرو بن وذفَة بن عُبيد بن عامر بن بياضة”.
ولما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم كان خروجه من قباء يوم الجمعة، وأدركته الجمعة في وادي رانوناء، فكانت أول جمعة صلاها بالمدينة، وأتاه عتْبان بن مالك في رجال بني سالم؛ فقال: يا رسول أقم عندنا في العدد والعدة والمنعة، فقال: خلوا سبيلها – لناقته – فإنها مأمورة، فخلوا سبيلها؛ فانطلقت حتى إذا وازنت دار بني بياضة تلقاه زياد بن لبيد وفروة بن عمرو الذين بايعاه ليلة العقبة، في رجال من بني بياضة، فأجابهم بمثل ما تقدم، فخلوا سبيلها.
وهناك كثير من البياضية من الصحابة ، رضي الله عنهم، فمنهم زياد بن أُسيد الصحابي الأنصاري البياضي، خرج حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم بمكة، فأقام عنده حتى هاجر معه، فهو مهاجري أنصاري، زمنهم نُعمان بن عمرو صاحب راية المسلمين يوم أُحُد، ومنهم زيد بن الدثنة بن معاوية بن عبيد بن عامر بن بياضة الأنصاري البياضي، ذكره الفاسي في عقده حيث قال: “شهد بدرًا وأحدًا، وأسر يوم الرجيع من خبيب بن عدي، فبيع بمكة من صفوان بن أمية فقتله، زذلك سنة ثلاث من الهجرة”. يتبع..