حصار “الجزيرة الخضراء”.. ماذا حدث في حروب استرداد مدن الأندلس؟
أميرة جادو
مرت أمس ذكرى حصار “الجزيرة الخضراء”، وهو حصار فرضته القوات القشتالية على الجزيرة في 3 أغسطس عام 1342 وذلك بقيادة ألفونسو الحادي عشر مدعومة بأساطيل من أراغون وجنوى خلال حروب الاسترداد في شبه الجزيرة الأيبيرية، وذلك بهدف نزع المدينة من الدولة المرينية.
بناء وتشييد المشاريع
ووفقًا لما ذكرته موسوعة “تاريخ الإسلام” بعد الفتح العربي الإسلامي أصبحت “الجزيرة الخضراء” مدينة مزدهرة بحكم موقعها وأهميتها الاستراتيجية الرابطة بين العدوتين وقد حكمها أمراء من البيوت المالكة، فسهروا على البناء والتشييد وخلق مشاريع للعمران والاستقرار.
لذلك بدء في وضع التصميمات لهذا الاستقرار ببناء المسجد الجامع فوق هضبة يقع في منتصفها، وجاء آية في الفن المعماري والزخرفة، له خمسة صحون وساحة واسعة وأروقة من ناحيته الشمالية، علاوة على بناء مسجد آخر قرب الشاطئ اسمه مسجد “الرايات”، الذي يقول عنه الإدريسي إن سبب هذه التسمية هو أن الرايات التي حملتها كتائب الفاتح طارق بن زياد حفظت في ذلك المكان بعد زحفها من جبل طارق.
وفي هذا الصدد، يقول آخرون “إن حملة الرايات وهم قادة الكتائب اجتمعوا قرب ذلك المكان لعقد مؤتمر عسكري، فلما عبر -أي موسى بن نصير- انتظرهم في مكان على مقربة من الجزيرة الخضراء ابتنى فيه مسجدًا، وأخذت الرايات تفد عليه في ذلك الموضع، فعرف الموضع والمسجد بمسجد الرايات، وظلا عامرين قرونًا طويلة”.
والجدير بالإشارة أن “الجزيرة الخضراء” تعتبر الميناء الرئيسي في الجهة الأوروبية من مضيق جبل طارق واستمر الحصار مدة 20 شهرا، عانى خلالها سكان المدينة، حوالي 30,000 بين المدنيين والجنود، من حصار شديد منع دخول المواد الغذائية والمؤن إلى المدينة وفي 26 مارس 1344.
وبعد هزيمة جيش مملكة “غرناطة” في سهول بالمونبيس، والذي كان متجها إلى انقاد الجزيرة الخضراء من الحصار، استسلمت المدينة الأوروبية المرينية، وضمت إلى مملكة قشتالة.
حروب الاسترداد
بعد قرون من حكم المسلمين للأندلس، بدأت حروب الاسترداد للجزيرة الخضراء، وفي يوليو من عام 1309 فرض فرديناند الرابع ملك قشتالة حصاراً على الجزيرة الخضراء وجبل طارق وسرعان ما سقطت جبل طارق في أيدي المسيحيين لكن الجزيرة الخضراء صمدت على مدى ثلاث عقود ثم عاد الحصار للجزيرة الخضراء في عهد ألفونسو الحادي عشر ملك قشتالة.
وتناوب على حصارها كلاً من خوان نونييز ده لارا، وخوان مانوِل پدرو، وفرنانديز ده كاسترو، وخوان ألفونسو دلا سردا، وأمير جبل العيون، كما قام بحصارها فرسان من انجلترا وفرنسا وألمانيا، حتى أن الملك فيليب الثالث من ناڤار شارك بحصارها بحوالى 100 من الخيالة و300 من المشاة، وسقطت الجزيرة الخضراء في مارس من عام 1344 بعد سنوات من الحصار