عبد القادر شحاتة.. قصة الفدائي المصري الذي لم يعرفه أحد حتى عرض فيلم ( كيرة والجن )
أسماء صبحي
عبد القادر شحاتة أو “عبد القادر الجن” شاب مصري ثوري، من الصعيد، في الأيام الأولى من إندلاع ثورة 1919. كان دوره توزيع المنشورات في صعيد مصر وتحديدا في المنيا، وحكم عليه من المجلس العسكرى البريطانى فى “الواسطى” بضرب النار. لكن خليل حافظ حكمدار المنيا ساعده على الهرب.
انضم الطالب الثانوي “عبد القادر شحاتة” للتنظيم السري للثورة، بعد عدة مقابلات جمعته “بالأخ فهمي” أو “أحمد كيرة” الذي قام بتجنيده في هذا الوقت. فوجئت الثورة بأن محمد شفيق وافق أن يكون وزيراً للأشغال لتنفيذ مشروعات الإنجليز فى السودان، وهو ما اعتبروه خيانة للوطن. وقرروا قتله ووقع الاختيار على عبد القادر شحاتة. وبحماس الشباب أكد “الجن” أنه مستعد لأداء هذا الواجب الوطني.
عملية فدائية
كانت التعليمات أن يلقي قنبلة “نيتروجلسرين” أمام موكب محمد شفيق، وتم تحديد اليوم ووضعت الخطة. كان “عبد القادر شحاتة” مستعدا للموت فهم الخطة جيدا، إذا نجى من القنبلة عليه الهرب ليلقي بملابس العامل التي تنكر فيها ويسير في الشارع بملابسه العادية هادئا حتى لا يشك فيه أحد.
و فى اليوم المحدد عندما ظهرت سيارة الوزير وتحفز لإلقاء القنبلة لكن في الثانية الأخيرة تنبه لوجود طفلين في السيارة مما حال بينة وبين إلقاء القنبلة. فلم يكن قاتلا بل إنسانا يدافع عن وطنه، وفي اليوم التالي ذهب في نفس الميعاد وعند قدوم الموكب تقدم وألقي القنبلة وانفجرت وملأ الدخان المكان”.
لم تصيب القنبلة الموكب فركض مسرعاً كما كانت الخطة لكنه التقى بصديق ورأه يرتدي ملابس العامل، أخذه وركب حنطور وبدأ يخلع ملابسه فرأى صديقه المسدس الذي كان يحمله وفهم أنه السبب في الانفجار وبدأ يصرخ. وصل وقتها إلى مدرسة بنات دخلها ليختبيء بها وحاصرته الشرطة بعدما أخبرهم سائق الحنطور بوجوده، وألقي القبض عليه، وباندفاع الشباب اعترف بكل شيء وأنه من ألقى القنبلة.
وفي التحقيقات رفض “عبد القادر شحاتة” البوح بأي شيء يخص التنظيم أو الاعتراف بأي اسم..ألح عليه المحققون لمعرفة أين كان يبيت في الليلة التي سبقت تنفيذ العملية، ومن كان معه لكنه لم يقل شيئا.
وفي يوم تلقى رسالة من الخارج جاء فيها أن سيدة ستأتي وتقول أنه حبيبها وكان يبيت عندها. فعلا دخلت عليه سيدة هي “دولت فهمي” أثناء التحقيقات وقالت له “حبيبي” وأكدت أنه كان معها، أعجب “عبد القادر شحاتة” بها وبشجاعتها. وعاش في السجن يحلم بها وأن يتزوجها.
وحكم على “عبد القادر شحاتة” بالإعدام وبعد 30 يوما ارتدى فيها البذلة الحمراء خفف الحكم ليصبح الأشغال الشاقة المؤبدة. وبعد مرور 4 سنوات، تولى سعد زغلول رئاسة الوزراء وسعى لخروج المسجونين السياسيين وفعلاً خرج “عبد القادر الجن” عام 1924.
صدمات في حياة عبد القادر شحاتة
وأول ما فعله بدأ البحث عن المرأة الشجاعة التي أنقذته وحلم بها طوال سنوات سجنه، “دولت فهمي” سأل عنها رجال التنظيم ولم يجد إجابة لا أحد يعرف أين هي. بحث عنها كثيرا كان يريد تبرأتها، أراد أن يحكي للجميع عن بطولتها وشجاعتها، إلى أن وجد الإجابة التي كانت صادمة. قتلت دولت فهمي، قتلها شقيقها ليغسل عاره، قبل أن يعرف أن شقيقته بطلة فدائية مصرية.
كانت هذه الصدمة الأولى لـ”عبد القادر” بعد خروجه من السجن، أما الصدمة الثانية عندما عرف أن صديقه “أحمد عبد الحي كيرة” أو “الأخ فهمي” كما تعرف عليه في البداية قد قتل في أسطنبول.
في عام 1963 أصدر عبدالقادر شحاتة مذكراته عن العمل السرى فى ثورة 1919 وكتب عنها مصطفى أمين أيضا. كما قامت مجلة المصور عام 1969 بتسليط الضوء عليه فى تحقيق بعنوان الجمعيات السرية فى ثورة 1919. فدائيان من اليد السوداء يرويان ذكرياتهما والفدائيان هما عبدالفتاح عنايات وعبدالقادر شحاتة.
عاش عبد القادر محمد شحاته حتى توفي عام 1987 في مركز ديروط محافظة أسيوط عن عمر يناهز 89 عام.
تم تجسيد شخصيته لأول مرة عام 1987 من خلال السهرة التلفزيونية (دولت فهمي التي لم يعرفها أحد) حيث قام بدوره الممثل الراحل ممدوح عبد العليم. كذلك أقتبس المؤلف أحمد مراد شخصيته وقصته ضمن رواية 1919 التي صدرت عام 2014 وتحولت بعدها إلى فيلم سينمائي كيرة و الجن الذي صدر عام 2022 وقام بأداء شخصيته الممثل أحمد عز.



