وطنيات

فيليب عباس غبوش.. رجل الدين والسياسة الذي وحد النوبة تحت راية وطنية واحدة

فيليب عباس غبوش سياسي ورجل دين سوداني بارز، يعد من أبرز القيادات المؤثرة في منطقة جبال النوبة، وتميز بحضوره القوي على الصعيدين الديني والسياسي، حيث جمع بين روحانية الكهنوت وحدة العمل السياسي، ليصبح صوتا مسموعا للمنطقة المهمشة، وترأس اتحاد جبال النوبة، وهو تنظيم جهوي يعبر عن تطلعات أهالي الإقليم، ثم أسس الحزك القومي السوداني في سنة 2000 ليواصل من خلاله نضاله من أجل العدالة والتنمية.

مولد فيليب عباس غبوش

ولد فيليب عباس غبوش في عام 1922 بمدينة أم درمان في السودان، وينتمي إلى قبيلة النيمانج، المعروفة أيضا باسم حجر السلطان، إحدى الفروع الرئيسية للقومية النوبية، وكان والده يعمل في الجيش البريطاني، مما شكّل جزءا من البيئة التي نشأ فيها وتأثر بها في مراحله الأولى.

بعد أن أكمل دراسته الأساسية، التحق فيليب غبوش بكلية اللاهوت في جوبا، حيث بدأ رحلته الروحية والفكرية التي ستشكل لاحقاً جوهر رؤيته الدينية والسياسية، وقد مكنته هذه المرحلة من بناء فهم عميق للقضايا اللاهوتية والاجتماعية التي تمس مجتمعه.

الوظائف والمسؤوليات الدينية

تم تعيينه راعيا للكنيسة الأسقفية، ثم تدرج في المناصب الكنسية حتى عُيّن أسقفا للكنائس في غرب السودان في الفترة بين 1963 و1964، وقد شكل هذا المنصب منصة واسعة له لفهم واقع المجتمعات المحلية، خصوصا في المناطق المهمشة مثل جبال النوبة، مما عزز اهتمامه بالعمل السياسي لاحقاً.

في عام 1964، ترأس فيليب غبوش اتحاد جبال النوبة، وهو تنظيم جهوي نشأ احتجاجاً على سياسات التهميش الحكومي وضعف التنمية في المنطقة، وخاض الاتحاد الانتخابات البرلمانية في عام 1965 وحقق نجاحاً ملحوظاً بفوزه بثمانية مقاعد نيابية، لكن التنظيم تم حله في عهد الرئيس جعفر نميري عام 1970، ما دفع الأب غبوش إلى الانضمام إلى صفوف المعارضة الخارجية.

عاد غبوش إلى السودان مع إعلان المصالحة الوطنية عام 1977، وفي أواخر السبعينيات أسس حزب السودان الحر، وبعد عقدين من الزمن، أسس الحزب القومي السوداني عام 2000، ليكون امتداداً لمشروعه السياسي القائم على العدالة والمساواة.

مؤتمر جبال النوبة التاريخي وتوحيد الصف

في الفترة من 2 إلى 5 ديسمبر 2002، عقد مؤتمر جماهيري ضخم في جبال النوبة بمشاركة نحو ثلاثة آلاف مندوب يمثلون أحزاباً وجماعات سياسية ومدنية متعددة، وكان من أبرز نتائج هذا المؤتمر حل أحزاب النوبة الأربعة وتأسيس كيان سياسي موحد جديد باسم حزب السودان الموحد الوطني، برئاسة الأب فيليب عباس غبوش.

والأحزاب التي تم دمجها هي: حزب السودان الحر بقيادة غبوش، والحزب القومي السوداني بقيادة البروفيسور الأمين حمودة، والحزب القومي السوداني (القيادة الجماعية) بزعامة محمد حماد كوي، والاتحاد العام لجبال النوبة برئاسة يوسف عبدالله جبريل.

وحضر المؤتمر الزعيم جون قرنق رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان، بل يُقال إنه كان الراعي الفعلي له وقد سعى قرنق من وراء هذا التجميع إلى توسيع الجبهة المعارضة ورفع سقف مفاوضات السلام مع حكومة الخرطوم، باعتبار جبال النوبة جزءا لا يتجزأ من القضايا المصيرية.

وانتهى المؤتمر بمنح جون قرنق تفويضاً كاملاً للتفاوض باسم أبناء جبال النوبة حول مستقبلهم في محادثات السلام الجارية.

جبال النوبة ضمن الملفات الخمسة العالقة

يصنف إقليم جبال النوبة كأحد المناطق الثلاث المهمشة في السودان، إلى جانب أبيي ومنطقة جنوب النيل الأزرق، وقد مثلت هذه المناطق نقطة جوهرية ضمن النقاط الخمس التي شكلت محوراً رئيسياً في المفاوضات بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان، نظراً لما تعانيه من تهميش سياسي واقتصادي وأمني.

الوفاة

رحل الأب فيليب عباس غبوش في فبراير 2008 في العاصمة البريطانية لندن، تاركاً خلفه إرثاً وطنياً وإنسانياً كبيراً، وسجلاً ناصعاً في الدفاع عن حقوق شعبه وتحقيق الوحدة الوطنية تحت شعار العدالة والتكافل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى