خميس بن عبيد القطيطي يكتب:جنين تتصدر المقاومة
خميس بن عبيد القطيطي يكتب:جنين تتصدر المقاومة
عَقدانِ من الزمان فصَلَا بَيْنَ انتفاضة الأقصى ومعركة جنين لعام 2023م، وعندما نَعُودُ بالذاكرة إلى انتفاضة الأقصى فنحن هنا نُذكِّر الأجيال من أبناء هذه الأُمَّة بما ارتكبته آلة الحرب الصهيونيَّة وبدعم دولي حينما حاصرت قوَّات الاحتلال مُدُن الضفَّة الغربيَّة وارتكبت مجازر مُروِّعة ضدَّ الأبرياء من أبناء شَعبنا العربي في فلسطين. ولا ننسى ما تعرَّضت له مدينة جنين ونابلس وبيت لحم والخليل وبقيَّة المُدُن الفلسطينيَّة في الضفَّة من مجازر جماعيَّة، وممارسات همجيَّة من قِبل قوَّات الاحتلال الصهيوني خلال انتفاضة الأقصى. لكنَّ الأبطال من أبناء شَعبنا الفلسطيني كانوا على الوعد، فقَدْ سجَّلت ذاكرة المقاومة تاريخًا مُشرِّفًا جدَّدت فيه المقاومة الفلسطينيَّة نفْسَها، حيث تصدَّر حينها جيل انتفاضة الأقصى المشهد المقاوم بعد جيل الحجارة الذي أشعل الأرض تحت أقدام الصهاينة عام 1987م، واليوم يكمل جيل آخر مشروع التحرير العظيم.
في مطلع الألفيَّة الثالثة وعندما قام شارون بتدنيس باحات المسجد الأقصى اندلعت انتفاضة الأقصى المباركة بتاريخ 28 سبتمبر عام 2000م واستمرَّت على مدى عدَّة سنوات حتى فبراير من عام 2005م. ولا شكَّ أنَّ تلك التواريخ حاضرة في ذاكرة المقاومة، واليوم تحمل جنين على عاتقها ذلك الإرث المقاوم العظيم لِيتجدَّدَ جيل آخر مُقاوِم بعد عقدَيْنِ من الزمان حدثت فيهما تحوُّلات كبرى من حيث حجم ونوعيَّة المقاومة. فما استخدمه جيل الحجارة تطوَّر في الجيل الثاني مع انتفاضة الأقصى، حيث العمليَّات الفدائيَّة، وكذلك استخدام السلاح الأبيض والأسلحة الناريَّة التي زعزعت كيان الاحتلال. وكُلُّ ما حدث بعد ذلك من تطوُّر نوعي في عمليَّات المقاومة ضدَّ جيش الاحتلال وصولًا إلى المُسيَّرات والصواريخ أكَّد أنَّ مشروع المقاومة ماضٍ قُدمًا في سبيل تحرير فلسطين من النهر إلى البحر.
عندما تعجز منظومة جيش الاحتلال المُدجَّجة بأعتى الأسلحة، حيث حشدت ألفَيْ جندي مدرَّبين تدريبات خاصَّة، و30 طائرة مُسيَّرة وعددًا من طائرات الأباتشي والدَّبَّابات والجرَّافات والعرَبات المُدرَّعة المُصفَّحة، ومع ذلك لَمْ تستطع دخول قلب المخيَّم بعد مرور 48 ساعة على الحرب، فهذا يعني أنَّ أبطال جنين من أبناء القسَّام وسرايا القدس وكتائب شهداء الأقصى وبقيَّة أبطال المقاومة الفلسطينيَّة هم يقودون ملحمة التحرير التي انطلقت، وهي تسير نَحْوَ تحقيق هدفها العظيم، ومَنْ يسقط من أولئك الأبطال هم بَيْنَ نصر واستشهاد قال تعالى: «قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ» صدق الله العظيم. وأمام هذا المشهد العظيم لا نملك إلَّا أن نحيِّيَ تلك السواعد العظيمة التي نذرت نفْسَها في سبيل الله والوطن والأرض وهي تقول إنَّ غدًا لناظره قريب، وإنَّ هذه الدماء وهذه الأرواح التي ارتقت إلى بارئها سوف تعمِّد مشروع التحرير العظيم الذي بدأت بوارقه تبرق في سماء فلسطين، فهذه المواجهات المباركة تؤكِّد أنَّ نصر الله قريب «وسيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلب ينقلبون»..
تحيَّة لكم يا أبناء فلسطين لقَدِ اختصَّكم الله بهذا الشَّرف العظيم، شَعب نصْفُه مُقاوِم ونصْفُه الآخر شهداء في سبيل تحرير أرض الأنبياء.. الله أكبر والعزَّة لله ولرسوله وللمؤمنين.