معركة أجنادين.. الانتصار الحاسم للمسلمين على البيزنطيين
دعاء رحيل
معركةأجنادين هي أول معركة ضارية رئيسية بين الإمبراطورية الرومانية الشرقية (البيزنطية) وجيش الخلافة الراشدين العربية، وكانت نتيجة المعركة انتصارا حاسما للمسلمين، ووقعت المعركة في 6 جمادى الأولى 13 هـ (30 يوليو 634 م) بالقرب من الرملة في فلسطين. شارك في المعركة خمسة جيوش إسلامية بقيادة خالد بن الوليد، أبو عبيدة بن الجراح، عمرو بن العاص، شرحبيل بن حسنة ويزيد بن أبي سفيان، وواجهوا جيشا بيزنطيا ضخما بقيادة تذارق.
سبب المعركة
كان سبب المعركة هو رد فعل الروم على هزائمهم المتتالية أمام المسلمين في فتح الشام. فبعد أن فتح المسلمون بُصرى، انتقل خالد بن الوليد مع جيش أبو عبيدة إلى دمشق لحصارها، وترك جيش شرحبيل في بصرى، وعاد جيش يزيد إلى البلقاء في الأردن، وعاد عمرو بجيشه إلى جنوب فلسطين. تحركت قوة من الروم تقدر بحوالي 20 ألفًا بقيادة قائد رومي شهير هو وردان من حامية حمص لقتال المسلمين في بصرى، أملا في استردادها وفك حصار دمشق. كما تجمع جِلَّق تضم مجموعة من القوات الرومية من أنطاكية وغيرها من الأراضي الشامية تحت قيادة تذارق، وانضم إليها عدد كبير من نصارى العرب من بهراء وكلب ولخم وجذام وغسان. كان هذا الجيش قوامه 70 ألف مقاتل أو يزيد.
سير المعركة
وفي هذا الصدد قال كامل عامر الباحث في التاريخ الإسلامي ، وصلت أخبار تحركات الروم إلى جيش خالد بن الوليد في دمشق، فطرح الموضوع على أبو عبيدة لاتخاذ قرار. رأى خالد أنه يجب مواجهة جيش تذارق في جِلَّق لأنه أخطر على المسلمين، وألا يتخلى عن دمشق لئلا تتابعه حامية المدينة. كما رأى أن يُرسَل رسالة إلى شرحبيل لتحذيره من جيش وردان، وألا يلتقِ مع، وإلا يقابله في أجنادين، حتى يستطيع التحام جميع الجيوش الإسلامية . وافق أبو عبيدة على رأى خالد، فانطلق خالد مع جزء من جيشه نحو وتولى أبو عبيدة قائده في دمشق. استجاب شرحبيل لطلب خالد، فانسحب من بصرى نحو أجنادين، متلاعبا بوردان. اتخذ خالد طرف التابور في طوله نحو 12 كيلو متر ، ثم اختار له مكانا للاستظهار به ، فإذا به يصادف قبر نابغ ، فأخذ يستظهرو به.
نهاية المعركة
وصل الجيش الإسلامي إلى جِلَّق، ووجد أمامه الجيش البيزنطي مرتبا ومستعدا للقتال. بدأت المعركة بمواجهات فردية بين المقاتلين من كلا الطرفين، ثم تحولت إلى اشتباك عام. اشتد القتال بين الجيشين، وكان الروم يستخدمون الفرسان والرماة والمقاليع في محاولة لكسر صفوف المسلمين. لكن المسلمين كانوا أشد إيمانا وأصبر صبرا وأحكم تكتيكا. استخدم خالد بن الوليد مهاراته في التحرك والتغيير والتضليل، وأربك الروم بمناوراته وهجماته المفاجئة. تمكن خالد من قطع خطوط إمداد الروم، وحرمهم من الماء والطعام. كما تمكن من قتل تذارق قائد الروم، وأحدث ثغرة في جبهتهم. استغل المسلمون هذه الفرصة، وهاجموا الروم بشراسة، وأجبروهم على الفرار. لحق المسلمون بالروم هزيمة ساحقة، وقتلوا منهم نحو 50 ألفًا، وأسروا آلافًا آخرين. أما المسلمون فقد خسروا نحو 450 شهيدًا .
أهمية المعركة
كانت معركة أجنادين من أهم المعارك في تاريخ الإسلام، فبها انتصر المسلمون على أقوى دولة في ذلك الزمان، وأثبتوا قدرتهم على فتح بلاد الشام. كانت معركة أجنادين مفصلا في تاريخ الشام، فبعدها سقطت دمشق وبيسان وعجلون وغيرها من المدن في يد المسلمين. كانت معركة أجنادين بداية لانتشار الإسلام في فلسطين والأردن وسوريا ولبنان، وإقامة حضارة إسلامية رائعة في هذه البلاد. كانت معركة أجنادين شاهدة على بطولات خالد بن الوليد وغيره من قادة المسلمين، وعلى إخلاصهم وإيثارهم في سبيل الله. كانت معركة أجنادين درسًا في التخطيط والاستراتيجية والإبداع في الحرب. كانت معركة أجنادين نبراسًا يضئ طريق الفاتحين المسلمين في كل زمان ومكان.