تاريخ ومزارات

تاريخ بناء مدينة الزهراء.. أشهر مدن المسلمين في الأندلس

أسماء صبحي

مدينة الزهراء، من أشهر المدن الإسلامية التي شيدها المسلمون في الأندلس. وتحتل سيرة المدينة وذكريات فخامتها مقامًا ملحوظاً فى تاريخ الأندلس المعماري والفني. وتقترن عظمتها وروعة صروحها بعظمة عصر منشئها الخليفة الأموى عبدالرحمن الناصر لدين الله. وقد بدأ ببناء هذة الضاحية الملوكية الفخمة بعد أن ضاقت قرطبة عاصمة الخلافة بما يتطلبه ملكه العظيم من استكمال الفخامة المملوكية.

بناء زهراء الأندلس

تقول علياء دواد، الخبيرة في التراث، إن مدينة الزهراء شيدت في بقعة على مقربة من غربي قرطبة شمال نهر الوادي الكبير. واستمر العمل فى إكمال صروحها ومرافقها بقية عصر الناصر ومعظم عهد ولده الحكم المستنصر. ولم يدخر الناصر جهداً ولا نفقة فى تشييد حاضرته الجديدة وتجميلها وزخرفتها.

ويقال إن عبدالرحمن الناصر قد انشأ المدينة لجاريته الزهراء وسماها باسمها، وبدأ عبدالرحمن إنشاء المدينة عام 325 هجرية 936 م. وجلبت مواد بنائها من مختلف الأماكن المشهورة وتم بناؤها فى عصر الحكم المستنصر بن عبدالرحمن الناصر.

المؤرخون يصفون مدينة الزهراء

ولقد أطنب المؤرخون فى وصف ما كانت عليه المدينة من بهاء وما زودت به من زخارف من مختلف الأشكال. وما حوته من مظاهر الترف والثراء، وقيل إن الناصر أقام تمثالا لجاريته الزهراء على بابها الرئيسى كما استخدم فى بنائها الرخام الأبيض.

كما أدخل فى بناء القصر الذهب والفضة وأنشىء وسطه صهريجا مملوء بالزئبق. وصنعت أبواب القصر الشمالية بالحديد والنحاس المموه وزخرفت بحنايا من العاج والأبنوس المرصع بالذهب والجوهر. وأقيمت به أعمدة من الرخام الملون والبلور الصافي.

وذكر أنه كان من محاسن قرطبة أن أنشىء بجوارها مدينة الزهراء، ولم تلبث الزهراء أن تخربت على يد جيوش البربر التى اقتحمتها وأحرقتها عام 401 هجرة 1010م. فأصبحت خرائب ومحاجر تستخرج منها الأحجار وتيجان الأعمدة ليعاد استعمالها في قرطبة واشبيلية.

ويقال أن المدينة كانت تشغل مساحة طولها من الشرق إلى الغرب 1518م، وعرضها من الشمال إلى الجنوب 745م. ويحيط بها سور مزدوج على هيئة جدارين بينهما ممر، والقسم الأوسط يتكون من سور واحد وعليه برج للحراسة.

المسجد الجامع في مدينة الزهراء

وفضلًا عن القصر فقد بنى في الزهراء مسجدًا، طوله من القبلة إلى الجوف -عدا المقصورة- ثلاثون ذراعًا. وعرض البهو الأوسط من الشرق إلى الغرب ثلاثة عشر ذراعًا. وزوده بعمد وقباب فخمة، ومنبر رائع الصنع والزخرف، فجاء آية في الفخامة والجمال. تم بناؤه وإتقانه في مدة ثمانية وأربعين يومًا، وكان يعمل به أكثر من ألف عامل منهم ثلاثمائة بناء، ومائتا نجار والبقية من الأجراء وبقية العمال المهرة..

وصف زهراء الأندلس

يذكر المؤرخون أنه كان يتصرف في عمارة الزهراء كل يوم من الخدم عشرة آلاف رجل، ومن الدواب ألف وخمسمائة دابة. وكان من الرجال من له درهم ونصف ومن الدرهمان والثلاثة، وكان يصرف فيها كل يوم من الصخر المنحوت المعدل ستة آلاف صخرة سوى الأجر والصخر غير المعدل.

وقدرت النفقة على بنائها بثلاثمائة ألف دينار كل عام طوال عهد الناصر، هذا عدا ما أنفق عليها في عهد ولده الحكم. وانتقل إليها الناصر بحاشيته وخواصه وخدمه في سنة 336هــ.

وأجرى فى موقع مدينة الزهراء الكثير من الحفائر الأثرية التى كشفت عن بعض عمائرها. وأهمها المسجد الجامع والقصور والمجالس، ومنها قصر الناصر والقبة الخصوصية التى جعل الناصر قرميدها من الذهب والفضة. كذلك تم الكشف عن دار الملك ودار الجند وقصر الحكم المستنصر كما تم الكشف عن دور المدينة وأبوابها.

ويتضح من هذة الاكتشافات أن قصور الزهراء كانت من طرازين، أولهما عبارة عن فناء أوسط مكشوف تحيط به الحجرات. والثاني أشبه بطراز المساجد التي تشتمل على أروقة من بلاطات متوازية يفصل بينها صفوف من الأعمدة ترتكز عليها عقود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى