تاريخ صناعة الكعك.. أحد أبرز مظاهر الاحتفال بـ عيد الفطر المبارك
أسماء صبحي
يعد الكعك أحد مظاهر الاستعدادات للاحتفال بالأعياد، وترجع صناعته إلى العصر الفرعوني. حيث اعتادت زوجات الملوك في مصر القديمة على تقديم الكعك للكهنة القائمة على حراسة هرم خوفو. وكان الخبازون فى البلاط الفرعونى يتقنون صنعه بأشكال مختلفة كاللولبى والمخروطى والمستطيل والمستدير. حتى وصلت أشكاله إلى ما يقرب من 100 شكل نقشت بأشكال متعددة كما وجدت فى مقبرة الوزير خميرع بطيبة.
تاريخ صناعة الكعك
تقول أميمة حسين، الخبيرة في التراث، إنه في العصر الطولونى عام 868م، صنعوا الكعك فى قوالب عليها كتابات مثل (كل هنيئاً) أو (كل واشكر). وفى العصر الأخشيدى عام 935م، أطلق الاخشيدين على الكعك اسم أفطن إليه أي انتبه للمفاجأة التي فيه.
وأضافت حسين، أنه بمرور الوقت تم تحريف الاسم إلى “انطونلة”. وتعتبر كعكة “أنطونلة” أشهر كعكة ظهرت في هذا الوقت. وكانت تقدم في دار الفقراء على مائدة طولها (200 متر وعرضها 7 أمتار ) محشوة بالدنانير.
وأشارت إلى أنه في العصر الفاطمي كان لخبيز العيد حكايات لها العجب. حيث اهتم الفاطميين بصناعة الكحك، ووصل اهتمامهم به إلى الحد الذي جعلهم يخصصون ديوانًا حكوميًا خاصا عرف بـ “دار الفطرة”. وكان يختص بتجهيز الكميات اللازمة من الكحك والحلوى وكعب الغزال. وكان العمل في هذه الكميات يبدأ من شهر رجب وحتى منتصف رمضان استعداداً للاحتفال الكبير الذي يحضره الخليفة.
وتابعت: “كانت ترصد لهذه الكمية ميزانية ضخمة تصل إلى 16 ألف دينار ذهبي. وكانت مائدة الخليفة العزيز الفاطمي يبلغ طولها 1350 مترا وتحمل 60 صنفاً من الكحك والغريبة. وكان الخبازون يتفننون في صناعة الكحك مستخدمين أطنانًا من الدقيق و السكر واللوز والجوز والفستق و السمسم والعسل وماء الورد والمسك والكافور.
وأوضحت أن إنتاج دار الفطرة من الكحك كان يرص في هيئة جبل عظيم أمام شباك القصر الفاطمي. حيث يجلس الخليفة بعد صلاة العيد يشاهد ليرى الناس يأكلون الكحك أو يتهادون به في أرجاء القاهرة.
ولفتت إلى أنه على الرغم من كل محاولات صلاح الدين الأيوبي للقضاء على كل ما يمت بصلة للخلافة الفاطمية. إلا أنه فشل في القضاء على ظاهرة كحك العيد التي لا تزال أحد مظاهر العيد الأساسية. واستمرت هذه العادة في عهد المماليك وفي عهد العثمانيين واعتبروه من الصدقات واهتموا بتوزيعه على الفقراء.
الاستعداد للعيد
وأكدت حسين، أن الناس في مصر المحروسه يبدأون في الإعداد لعيد الفطر، حيث يخبز الكعك فى الثلث الأخير من شهر رمضان. وتحرص الأمهات خاصة في الأحياء الشعبية على أن يرسلن لبناتهن المتزوجات حديثاً فى ليلة أول عيد عقب عرسهن بسلة أو صينية كبيرة مملوءة بالكعك يطلق عليها (الزيارة) أو (عيدية الكعك).
واستطردت الخبيرة في التراث، إنه في الريف والصعيد يقدم الكعك في “طلعة العيد على هيئة حلقات مغطاة بالسكر ليوزع على الفقراء بالمقابر. ففى معتقداتهن المتوارثة أن ملاك الرحمة يقوم بتعليقها من منتصفها في أحد فروع شجرة الحسنات.
وهكذا اصبح العيد والكعك مترادفين لا يصلح أحدهما دون الآخر أو يأتى دونه. وتلك هي مظاهر الاحتفال بعيد الفطر المبارك ومازال الاحتفال بالعيد إلى يومنا بنفس المظاهر وإن كنا قد أضفنا إليه الكثير والكثير.