معركة رشيد 31 مارس 1807.. صفحة مضيئة في كفاح شعب مصر
أسماء صبحي
دارت أحداث معركة رشيد عام 1807م بين قوات محمد علي باشا والقوات البريطانية، وكانت جزء من الحرب الإنجليزية العثمانية. بعد تعاون كان بين الدولة العثمانية مع بريطانيا كجزء من تداعيات الحروب النابليونية.
وشنت إنجلترا حملة عسكرية على مصر بقيادة الجنرال فريزر في مارس 1807. وكانت إنجلترا قد اتفقت مع محمد بك الألفي أحد زعماء المماليك على أن يؤيدها وينسق التعاون معها. لإنهاء حكم محمد علي باشا وإرجاع المماليك للسلطة تحت الوصاية البريطانية، إلا أن الألفي مات قبل وصول هذه الحملة إلى مصر.
معركة رشيد
استطاعت الحملة الاستيلاء على الإسكندرية فى مارس 1807م، ولكنها لم تنجح فى الاستيلاء على رشيد نتيجة لمقاومة أهالي رشيد في 21 مارس 1807 م. حيث تصدى أهالي رشيد بقيادة محافظها علي بك السلانكي للحملة الإنجليزية بقيادة الجنرال فريزر. وكانت الخطة أن يزحف المماليك إلى القاهرة ليحتلوها، والإنجليز يحتلون بأسطولهم موانيء مصر..وبعدها يزحفون إلى الدلتا ويحتلون القاهرة لإسقاط حكم محمد علي، على أن يعاونهم المماليك عملاؤهم في مصر ولاسيما جبهة الألفي بك.
وكان الجنرال فريزر في الإسكندرية، قد تلقي تقريرًا من قنصل إنجلترا في رشيد عن حالة مصر وما بها من قوات. مما جعله يزحف برًا إلى رشيد لاحتلالها، واتخاذها قاعدة حربية لقواته، وكلف القائد “ويكوب” بهذه المهمة العسكرية.
تحرك ويكوب في ألف جندي من الإسكندرية إلى رشيد، وعزم محافظ إقليم رشيد علي بك السلانكي وقواته الـ 700 جندي على مقاومة عساكر الإنجليز. واستنفر الشيخ حسن كريت الأهالي للمقاومة الشعبية، فأمر بإبعاد المراكب المصرية من أمام شاطيء النيل برشيد إلى البر الشرقي المقابل عند الجزيرة الخضراء وبرج مغيزل بمركز مطوبس، لمنع الأهالي من ركوبها والفرار من المدينة. حتى لا يجد رجال حاميته وسيلة للارتداد أو الاستسلام أو الانسحاب، كما فعلت حامية الإسكندرية من قبل.
خدعة عسكرية
أصبحت الحامية بين الأهالي متوارية بالمنازل داخل مدينة رشيد، لا مناص أمامهم إلا القتال والمقاومة. وأمرهم بعدم التحرك أو إطلاق النار إلا بعد صدور إشارة متفق عليها، فتقدم الإنجليز ولم يجدوا أي مقاومة. فاعتقدوا أن المدينة ستستسلم كما فعلت حامية الإسكندرية، فدخلوا شوارع المدينة مطمئنين، وأخذوا يستريحون بعد السير في الرمال من الإسكندرية إلى رشيد. وانتشروا في شوارع المدينة والأسواق للعثور على أماكن يلجئون إليها ويستريحون فيها.
وما كادوا يستريحون، حتى انطلق نداء الآذان بأمر السلانكي من فوق مئذنة مسجد سيدي زغلول مرددًا: الله أكبر، حي على الجهاد. فانهالت النيران من الأهالي وأفراد حامية رشيد من نوافذ المنازل وأسطحها، فقتل جنود وضباط من الحملة، وهرب من بقي حيًا.
فأرسل فريزر إلى المماليك يطلب منهم المساعدة، ولكنهم لم يستطيعوا مساعدته بعد أن تفرقت كلمتهم ومات زعيمهم محمد الألفي. فرأى فريزر أنه من العبث مواصلة القتال وقد وصلت خسائر الحملة من الإنجليز 170 قتيلاً و250 جريحًا و120 أسيرًا لدي حامية رشيد. وأرسل إلى محمد علي يطلب الصلح في مقابل أن يجلو عن الإسكندرية.
معاهدة دمنهور
في تلك الأثناء كان محمد علي يستعد للزحف على الإسكندرية، وسار محمد علي بجيشه من معسكره في إمبابة متوجها إلى الرحمانية ومنها إلى دمنهور في 12 أغسطس عام 1807م. وهناك التقى بالجنرال شربروك الذي فوضه فريز لإبرام الصلح بين الطرفين المصري والبريطاني. وبعد مفاوضات قصيرة عقد الطرفان معاهدة دمنهور في 14 سبتمبر عام1807م، والتي بمقتضاها جلت القوات البريطانية عن الإسكندرية.
أقلعت السفن البريطانية بما تبقى من جنود الحملة إلى صقلية، وضمت الإسكندرية إلى محمد علي بفرمان سلطاني بعد أن كانت تتبع مباشرة السلطان العثماني وحاكمها يعين من قبله. وهكذا وقد أحبط أهالي رشيد المشروع البريطاني لاحتلال مصر، وأصبح يوم 19 سبتمبر عيدًا قوميًا لمحافظة البحيرة.