“مدفع رمضان” صدفة محيرة بين سلطان وخديوي.. اعرف القصة
في شهر رمضان الأول من عام 1460 م ، أمر السلطان خشقدام ، سلطان الدولة المملوكية البرجية الشركسية السادس عشر، رجاله بتجربة أحد المدافع الجديدة التي وصلت إلى القاهرة، حيث اجتمع المصريون حول مائدة الطعام. منتظرين لحظة آذان المغرب للصلاة فجأة دوى صدى المدافع وبدأ صوت مؤذن.
صدفة لم يكن يقصدها سلطان مصر، ولكن أحبها الشعب حيث ظن أنها هدية منه، وذلك لتنبيه الصائمين بقرب موعد الإفطار، وبعد الإفطار قام مجموعة من الناس بالذهاب إلى الملك من أجل تقديم التحية والشكر للسلطان علي هذه البدعة الحسنة، ولأنه شعر بفرحة الناس، قام بتكرارها طيلة شهر رمضان، بل أمر بضرب قذيفتين أخرتين، الأولى ليستيقظ الناس للسحور، والثانية وقت الإمساك، ليبدأ المسلمين الإفطار علي صوت “مدفع الإفطااااار.. إضرب”.
حقيقة انتشار المدفع في عهد الخديوي إسماعيل
في حين انتشار هذه القصة، إلا أن البعض يرى أن مدفع الإفطار يعود إلى عهد الخديوي إسماعيل، خامس حكام مصر من الأسرة العلوية، في النصف الثاني من القرن الـ19، ففي أحد أيام رمضان، انطلقت قذيفة دوت سماء القاهرة لحظة أذان المغرب، ورغم أنها انطلقت بسبب خطأ ارتكبه بعض الجنود الذين كانوا يقومون بتنظيف المدفع، إلا أن العامة اعتقدوا أن حكومة الخديوي اتخذت نظامًا جديدًا للإعلان عن موعد الإفطار، ثم تناقلت الفكرة بين الناس، حتى وصلت إلى “فاطمة” بنت الخديوي إسماعيل، فأصدرت أمرا باستعمال المدفع وقت الإفطار والإمساك، وفي الأعياد الرسمية، لتفرح الناس وترضيهم.
رغم التباين حول البداية الحقيقية للمدفع، إلا أن الكل أجمع على أن أول ظهور له كان بقلب القاهرة، ومنها انتقل إلى بلاد الشام، كالقدس، ودمشق، ثم إلى أرض العراق بمدينة بغداد في أواخر القرن التاسع عشر، أما دولة الكويت، فبدأ ينطلق فيها عام 1907، في عهد مؤسسها الشيخ مبارك الصباحي الذي يُعرف بـ”مبارك الكبير”، بعد ذلك بدأ ينتشر في باقي دول الخليج، وفي السودان واليمن، كما انتشر أيضا بدول غرب أفريقيا، في تشاد والنيجر ومالي، وفي دول شرق آسيا مثل أندونيسيا الذي ظهر فيها لأول مرة عام 1944.
مكونات المدفع
وفي هذا السياق قال مجد الدوي خبير في التراث، إن المدفع، يوجد به ترباس تجاه اليسار، بمجرد أن تسحبه يفتح بوابة دائرية من الخلف، يوضع بداخلها الخرطوش، وهو عبارة عن عبوة اسطوانية تحتوي بداخلها “البارود السلطاني”، يصل وزنها ما يقرب من 750 جرام، يعلو المدفع ثقب صغير، يقوم القائم عليه بوضع سيخ من النحاس، ليتمكن من صنع ثقب في الخرطوش، يضع به فتيل، يتصل به سلكتين كهربائيتين “موجب وسالب”، يبلغ طولهما 7 متر، ثم يغلق الترباس لإحكام المدفع، وفي نهاية طرفي السلكتين يقف العامل يلامسهما ببطارية كهربائية، فتنطلق نيران المدفع، ويصل طول لهيبها نحو 3 متر، أما الدخان فيصل لأكثر من 15 متر، ويصدر عنه صوت عالي يشق عنان السماء، كنتيجة لإحتراق البارود.