بنيت في العصر العثماني.. قلعة القصير شاهدة على التاريخ
غطت سماء مدينة القصير بالتراب، وهربت الأصوات خوفا من هجمات قطاع الطرق ، وحكم الدمار على المشهد، وهرب سكان مدينة القصير منها، وأدى هجوم اللصوص وقطاع الطرق على بلدة بعيدة إلى توقف قافلة الحجاج والتجار، من رحم تلك الأجواء المتوترة ولدت فكرة إنشاء قلعة القصير منذ حوالي 448 عامًا، والتي مازالت تقف بمدافعها الحديدية القديمة وجدرانها العتيقة على شواطئ البحر الأحمر حارسة للمدينة شاهدة على التاريخ.
نشأة القلعة
في هذا الصدد قال وصفي تمير حسين، مؤرخ مدينة القصير، أن تاريخ بناء قلعة القصير يعود على العصر العثماني فيما بين حكم السلطان أحمد الثالث 1710م، وعهد السلطان سليم الثالث 1797م.
وأضاف مؤرخ مدينة القصير، أن البعض أرجع إنشاء القلعة إلى السلطان الغوري لتعرض مصر لأخطار جسيمة، فكان لابد من حماية الثغور ضد الخطر البرتغالي ومحاولتهم غزو الموانئ المملوكية على ساحل البحر الأحمر، لكن الحقيقة الناجزة والتي توصلت إليها الدراسات أن بناء قلعة القصير يرجع إلى عهد والى مصر “سنان باشا ” في عهد السلطان سليم الثاني فى ختام 979هـ/1571م، وهو ما أكده “تشارلز لى كيوسنى” قائلاً إن ملامح بناء القلعة العثمانية بمدينة القصير تتفق مع هذا التاريخ سالف الذكر.
أسباب بناء القلعة
كما كشف مؤرخ مدينة القصير، عن سبب تأسيس القلعة هو اعتداء العربان على قوافل الحجاج والتجار وأهل القصير، ما دفع أسكان المدينة إلى تركها وخرابها، وتسبب ذلك في توقف العمل في الميناء، وسبب ذلك تعطيل إرسال المؤن إلى الحجاز لأهالي مكة والمدينة، مما دفع بالوالي العثماني على مصر “سنان باشا” أن يرسل خطاباً إلى السلطان “سليم الثاني” يقترح عليه إنشاء قلعة بالقصير لحماية قوافل الحجاج والتجارة والميناء وسكان المدينة، و قرر السلطان سليم الثاني بناء قلعة القصير لتفي بتلك الأهداف.
وفي سياق متصل قال الدكتور محمود عبدالعال، مؤرخ مصري، في حديثة عن قلعة القصير أن “سنان باشا” كان رجل دولة وقائد عسكري عثماني من أصل ألباني، سمي حاكما على مصر سنة 1569، وقاد سنة 1574 الحملة العثمانية على تونس التي شكلت نهاية الاحتلال الإسباني للبلاد وبداية الحقبة العثمانية بها، كما كان قائد حملة عسكرية كبيرة إلى اليمن لإخماد تمرد الإمام الزيدي المطهر بن يحيى شرف الدين عام 1571، وهو “سنان باشا”، (قوجة وقوجة)، وتعنى العطية وحضر إلى مصر في 24 شعبان 975هـ وعزل بعد تسعة أشهر، وحينما سافر لحملة اليمن وعاد منصورا ردت إليه ولاية مصر كما ذكر “يوسف الملوانى”، في العاشر من صفر 979هـ.
رئيس مدينة القصير يتفقد القلعة
وأوضح المؤرخ المصري، أن الوالي كان في وقتها السلطان سليم الثاني الذي حكم وهو يبلغ من العمر أربعة وأربعون عاما وهو ابن سليمان القانوني، وسموه بسليم السكير والبعض يرجع إليه الفضل في الاهتمام بشؤون البلاد والإصلاحات الداخلية وتوفى بعد حمى شديدة أودت بحياته 982هـ.
وتابع المؤرخ المصري : أن بناء القلعة مؤرخ في خطاب رسمي ما بين سنان باشا و السلطان سليم، وجاء في نص خطاب من السلطان إلى سنان باشا قائلا: أرسلت إلى مقامى السعيد خطابا مضمونه أن هناك ميناء يدعى القصير تابعا لمصر بالقرب من الصعيد، وجرت العادة بإرسال الجراية السنوية لموظفي الحرمين الشريفين إلى جدة وينبع من هذا الميناء المذكور “القصير” وبالجملة، وعموما فإن الميناء عظيم الأهمية وبينما كان هذا الميناء معمورا ومنضبطا منذ فتح مصر، وبسبب عدم الاهتمام به بدفع فساد العربان المفسدين وأعمالهم الشنيعة، ونظرا لقيامهم مرات عديدة بقتل الحجاج وأصحاب القوافل التجارية والإغارة على جميع ممتلكاتهم ونهبها لم يعد هناك مجالاً لاستقرار الضعفاء الذين بقوا هناك حيث اضطروا جميعا للفرار .