في ذكرى وفاة رأفت الهجان.. تعرف على أسطورة التجسس التي زلزلت الموساد الإسرائيلي
أميرة جادو
تحل اليوم ذكرى وفاة أسطورة التجسس المصرية، رأفت الهجان، الذي عرفنا من خلاله معنى النضال الوطني، عاش حياته مهددا بالخطر، وذلك لدخوله وكر الأفاعي ووسط الأعداء، كان يجسد مقولة «شرب من سم الأفعى»، ولكنه تغلب على هذا السم بالرغم من تدفقه لبعض أجزاء جسده، فكان على مشارف الاعتقال، ولكنه تمكن النجاة من ذلك، حيث توجت مسيرته بالنجاح والانتصار على تلك الأفعى، إنه الوطني المناضل رأفت الهجان، وفي السطور التالية سنخوض في قصة حياته الخالدة.
رأفت الهجان يقضي على أسطورة تألق الموساد
اسمه الحقيقي هو رفعت علي سليمان الجمال، من مواليد مدينة «دمياط»، ولد في في 1 يوليو 1927، حيث كان والده يعمل في تجارة الفحم أما والدته فكانت ربة منزل تنحدر من أسرة مرموقة، وكانت تجيد اللغتين الإنجليزية والفرنسية، وكان له شقيقان هما لبيب ونزيهة، علاوة على أخ غير شقيق هو سامي.
وبعد مرور عدد من السنوات، وتحديدا في عام 1936 توفى الأب «علي سليمان الجمال» والد رفعت الجمال وأصبح «سامي» الأخ غير الشقيق لـ«رأفت» هو المسؤول الوحيد عن المنزل، وكانت مكانة «سامي» الرفيعة، وعمله كمدرس لغة إنجليزية لأخ الملكة «فريدة» تؤهله ليكون هو المسؤول عن المنزل وعن إخوته بعد وفاة والده، وبعد ذلك انتقلت الأسرة بالكامل إلى القاهرة، ليبدأ فصل جديد من حياة رأفت الهجان الذي عاش في الظل ومات في الظل.
رأفت الهجان في المخابرات المصرية
وفقًا لما ذكرته المخابرات العامة المصرية، ذهب رأفت الهجان إلى إسرائيل بتكليف منها في سياق خطة منظمة في يونيو عام 1956 وتمكن من إقامة شبكة مصالح تجارية واسعة وناجحة في تل أبيب.
لمع نجم “الهجان” وأصبح من الشخصيات البارزة في المجتمع الإسرائيلي وحسب الرواية المصرية، فإن الهجان قام ولسنوات طويلة بالتجسس وإمداد جهاز المخابرات المصري بمعلومات مهمة تحت ستار شركة سياحية داخل إسرائيل، حيث زود بلاده بمعلومات خطيرة منها موعد حرب يونيو لسنة 1967 وكان له دور فعال في الإعداد لحرب اكتوبر سنة 1973 بعد أن زود مصر بتفاصيل عن خط برليف.
أحدثت هذه الرواية والعملية هزة عنيفة لأسطورة تألق الموساد وصعوبة اختراقه، وتم اعتبار رأفت الهجان بطلًا قوميًا في مصر عمل داخل إسرائيل بنجاح باهر لمدة 17 سنة وتم بث مسلسل تلفزيوني عن حياة الهجان وقام بتمثيل دوره الممثل المصري محمود عبد العزيز.
رأفت الهجان ورواية المخابرات الإسرائيلية
وعلى الجانب الأخر، نفت المخابرات الإسرائيلية رواية المخابرات المصرية، بـ«إن هذه المعلومات التي أعلنت عنها المخابرات المصرية ما هي إلا نسج خيال ورواية بالغة التعقيد وإن على المصريين أن يفخروا بنجاحهم في خلق هذه الرواية»، لكن وتحت ضغوط الصحافة الإسرائيلية صرح رئيس الموساد الأسبق إيسر هاريل «أن السلطات كانت تشعر باختراق قوي في قمة جهاز الأمن الإسرائيلي ولكننا لم نشك مطلقا في جاك بيتون وهو الاسم الإسرائيلي للهجان».
وبدأت الصحافة الإسرائيلية ومنذ عام 1988 تحاول التوصل إلى حقيقة «الهجان» أو «بيتون» أو «الجمال» فقامت صحيفة «الجيروزليم بوست» الإسرائيلية بنشر خبر تؤكد فيه أن جاك بيتون أو رفعت الجمال يهودي مصري من مواليد المنصورة عام 1919 وصل إلى إسرائيل عام 1955 وغادرها للمرة الأخيرة عام 1973، واستطاع أن ينشئ علاقات صداقة مع عديد من القيادات في إسرائيل، منها جولدا مائير رئيسة الوزراء السابقة، وموشي ديان وزير الدفاع.
وبعد سنوات قام صحفيان إسرائيليان وهما ايتان هابر ويوسي ملمن بإصدار كتاب بعنوان «الجواسيس» وفيه قالوا إن العديد من التفاصيل التي نشرت في مصر عن شخصية الهجان صحيحة ودقيقة لكن ما ينقصها هو الحديث عن الجانب الآخر في شخصيته، ألا وهو خدمته لإسرائيل، حيث إن الهجان أو بيتون ما كان إلا جاسوسا خدم مصر حسب رأي الكاتبين.
السرطان يقضي على الأسطورة
ليأتي عام 1982 م، معلنا نهاية الرحلة، حيث توفي الجمال بعد معاناته بمرض سرطان الرئة في مدينة دارمشتات القريبة من فرانكفورت بألمانيا ودُفن فيها.