فنون و ادب

الحرف اليدوية.. تراث فلسطيني يجسد الهوية التاريخية والثقافية

حاتم عبدالهادى السيد

يحتل التراث مكانة عظيمة لتجسيد الهوية ؛ وهذا ما رأيناه في الحرف التقليدية والصناعات اليدوية الفلسطينية كذلك .

وتنعكس أهمية الحرف والصناعات اليدوية في أنها تدل على جوانب الهوية الوطنية للدولة المنتجة للحرف والصناعات اليدوية، ويمكن أن تحقق الدول مكاسباً مادية رائعة من اهتمامها وتدعيمها للحرف اليدوية ؛ كما انها تمثل اعادة انتاجية للتراث وتثيت الهوية؛ وتؤكد القيم المادية والمعنوبة للتراث في حفظ الهوية والمحافظة على تراث وإرث الأجداد كذلك .

وقد أدركت كثير من البلاد أهمية استثمار تراثها الحرفي ، فعملت على إقامة آلاف الورش والمصانع. وبالتالي إلى خلق مئات الألوف وربما الملايين من فرص العمل لشبابها، وإلى فتح أسواق لتصريف منتجاتها في كل مكان ، ما جعلها تتحول من دول فقيرة، أو دول مستهلكة لما ينتجه غيرها.. من أزياء وأثاث ومفروشات وأدوات منزلية وكافة احتياجات الحياة اليومية ، إلى دول غنية من عائد تصدير منتجاتها الغزيرة من الحرف اليدوية لمختلف أنحاء العالم، إضافة إلى تعميقها للبعد الثقافي كدول ذات إرث حضاري يجعلها تقف باعتداد أمام الدول المتقدمة في عصر العولمة، بلا ميزة تنافسية غير إبداعها الشعبي ‏.‏

والحرف اليدوية نتاج البيئة المحيطة بالفنان أو المبدع فهى تنمى الخيال الإبتكارى لديه كذلك.

أهم الصناعات اليدوية والحرف التقليدية في فلسطين

ولقد صنع المبدع الفلسطينى الباردوم اليدوى والبنادق الآلية وطور الصواريخ من اجل المقاومة؛ بطرق بدائية بسيطة ؛ ولعل ما رأيناه في غزة في الحرب التى نشهدها الآن الدليل الأكبر على عبقرية المواطن الفلسطينى في هذه الحرف التى استدعتها هويته وتأكيد تمسكه بالقيم تجاه المقدسات فأعمل عقله في مثل هذه الصناعات الصعيرة ومنها كذلك الطائرات المسيرة الصغيرة بدون طيار إلى جانب الزجاجات الحارقة؛ بل ان الإنتفاضة الأخيرة شهدت الكثير من هذه الصناعات الصغيرة التى تهدف إلى خدمة القضية الفلسطينية وطرد المستعمر من كافة الأراضى الفلسطينية وتلك عبقرية استدعتها صناعة الواقع ؛ او الصناعة من اجل الحفاظ على الهوية والبقاء ؛ فالصهاينة يريدون محو الفلسطينيين للإستيلاء على مقدرات المة لكن هيهات لهم ذلك فالعقل الفلسطينى أعنل حرفه اليدوية في سبيل تحقيق انتصارات جديدة؛ وبتكلفة بسيطة؛ وبمهارة أذهلت الصهاينة ؛ بل والعالم كذلك .

وكذلك من أهم الحرف المتداولة في فلسطين: الشمع، وخشب الزيتون، والصدف، والزجاج الخليلي، والنسيج، والحرف المعدنية، والسيراميك الفخار، والصاق الأزهار على بطاقات التهنئة، وشغل الخرز، والنقش على البيض، وصناعة الصابون* ودبغ الجلود، والتقشيش.

ولقد اشتهرت مدينة القدس* صناعة الشكع؛ ومن أشهر الأسر المحترفة صناعة الشمع: أسرة فراج، والأردمجي، وكتن، والجوزي، والشماع.

كذلك تفنن الفلسطينيون في صناعة الخشب من أشجار الزيتون والمعروف أن القدس أشهر مدينة فلسطينية اختصت بصنع خشب الزيتون. ويبذل تقصي تاريخ هذه الصناعة أن عين كارم*، القرية القريبة من القدس، هي أول من أتقن هذه الحرفة. وكان لأسر الديني وجعانيني وزكريا الفضل في نشرها. أما في القدس فقد عرف من محترفي هذه الصناعة أسرتا قرط والجمال. وقد اهتمت كثيراً بهذه الحرفة أيضاً بيت لحم*.
كما تميزت القدس بصناعة الأمشاط الخشبية؛ بعد ان كادت ان تندثر مثل هذه الصناعات الصغيرة .
أما صناعة الزجاج فقد اشتهرت بها منطقة الخليل؛ وهى من أقدم الصناعات التي عرفت في فلسطين.

بيت لحم وشهرة دولية وعالمية للحرف اليدوية :
وفى منطقة بيت لحم اشتهرت الصناعات القائمة على صناعة الصدف حتى شملت الكبير والصغير والرجال والنساء، وبلغت من الشهرة درجة رغبت الملوك والقواد في امتلاك شيء من نتاجها. وفى عهد العثمانين جاء إبراهيم باشا إلى سورية أخذ من أهل هذه البلدة ومن بيت جالا أيضاً عدداً من أصحاب الحرف والمهن الحادقين بقصد إنشاء تلك الحرف في القطر المصري. وكذلك دعا منليك، نجاشي الحبشة السابق، أبرع الحفارين والنحاتين والبنائين من أهل بيت لحم لتشييد قصر جديد له في بلاده وقد بلغت الدقة والمهارة في صناعة الصدف عند أبناء بيت لحم أنهم صنعوا صورة لجامع عمر المشهور من الصدف، ومثلوه في كل أجزائه من أعمدة ونوافذ ونقوش وغير ذلك، وقدموه للسلطان عبد الحميد، فاستحسنه كثيراً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى