صراع الدول الكبرى يخدم مشروع اليمن التحرري
بقلم :احمد الشريف
ما يشهده عالم اليوم من مستجدات بين الدول الكبرى تحولت إلى صراع مصالح دموية تدفع ثمنها الشعوب المستضعفة كما يحدث بين روسيا الاتحادية والصين وحلفائهما
من جهة وأمريكا وبريطانيا ودول الإتحاد الأوروبي من جهة أخرى والذين جعلوا من أوكرانيا ساحة لصراعهما وكل طرف منهما ينتظر اللحظة المناسبة للانتصارعلى خصمه لدرجة أن صدرت تهديدات باللجوء إلى استخدام أسلحة نووية قد تتسبب في إشعال حرب عالمية ثالثة..
ولا يستبعد أن يكون التهديد جديا كما فعلت الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب العالمية الثانية عندما دمرت مدينتي هيروشيما ونجازاكي اليابانيتين بالسلاح الذري وحسمت الحرب مع اليابان لصالحها وأجبرتها على الإستسلام لتبرز بعد ذلك أمريكا كقوة عظمى عاثت في العالم فسادا وتحكمت في مصائر العديد من الدول، وبغض النظر عن أي نتيجة قد تنتهي إليها هذه الصراعات بين الدول العظمى في عالم اليوم إلا أنها بلا شك تصب في صالح مشروع اليمن التحرري وإنهاء الوصاية الخارجية على اليمن ، وبناء دولة وطنية حديثة بإرادة يمنية خالصة لا يكون للخارج يد فيها كما كان يحدث خلال العقود الستة الماضية .
لكن لن يتم تحقيق هذا الهدف ما لم يستغل اليمنيون ممثلين في قيادتهم الثورية والسياسية الحكيمة لما يشهده عالم الدول الكبرى من مستجدات وصراع مصالح كما أشرنا آنفا جعلتهم يغضون الطرف نسبيا عن اليمن وينشغلون بأنفسهم ، كما لا تفوتنا الإشارة إلى أن أمريكا تحديدا بحاجة ماسة إلى هدنة طويلة في اليمن كونها مقبلة على عدد من الأحداث المهمة سيشهدها شهر نوفمبر المقبل وقد تمتد تأثيراتها الى شهر ديسمبر وتحتاج للنجاح فيها الى تهدئة جدية في اليمن لأن عودة الحرب من قبل تحالف دول العدوان لا يصب في صالحها وربما قد تفشل أهدافها ولذلك ستمارس ضغوطا للقبول بشروط صنعاء المشروعة كضمانة للتجديد ومن أهم ما ستقدم عليه أمريكا خلال شهري نوفمبر وديسمبر المقبلين إجراء الانتخابات النصفية للكونغرس الأمريكي والتي يتوقع أن لا تكون في صالح الديمقراطيين وإجراء الانتخابات في إسرائيل وهو ما يحاول رئيس الوزراء الحالي بنت كسبها حيث ستكون انتخابات يسودها التنافس القوي والمهدد للإطاحة به من قبل خصمه اللدود نتنياهو ، والحدث الثالث الذي تحرص أمريكا على تأمين الحماية له وإنجاحه يتمثل في استضافة قطر لكأس العالم لكرة القدم حيث يخشى أن تعمل السعودية والإمارات على إفشاله انتقاما من قطر من خلال احداث تفجيرات في الدوحة يقوم بها تنظيما داعش والقاعدة اللذان تتبناهما الرياض وأبوظبي وتدعمهما سرا وعلنا ، وإن كان هناك سببان رئيسيان يجعلان النظام السعودي يزداد عنادا واصرارا على مواصلة عدوانه البربري ضد اليمن وشعبه العظيم متحديا إرادة أمريكا في تحقيق التهدئة في اليمن بالرغم من التكلفة الباهظة لهذه الحرب القذرة التي تستنزفه يوميا وتستنزف حلفاءه وتفضحه لدرجة ان مملكة قرن الشيطان قد أصبحت مضغة تلوكها كل الأفواه بعد خروج ما كان مستترا منها تحت الطاولة إلى فوق الطاولة ، السبب الأول وهو الأهم يتمثل في : خوف النظام السعودي من المشهد السياسي الذي بدأ يتشكل في اليمن على خلاف ما كانت تريده السعودية وسيدتها امريكا حيث اعتادت في الماضي ان تكون اليمن حديقة خلفية لها ، وهي صاحبة الأمر والنهي فيها ، وهذا يذكرنا بجملة قالها الرئيس العراقي الراحل صدام حسين رحمه الله عندما كان نائبا للرئيس احمد حسن البكر تعليقا على إلغاء اتفاقية بضغط سعودي كانت حكومة الأستاذ محسن العيني قد وقعتها في عهد الشهيد إبراهيم الحمدي لبناء مصفاة لتكرير النفط في اليمن وفي نفس الوقت إلغاء اتفاقية أخرى للحصول على صفقة أسلحة من الاتحاد السوفيتي سابقا وتعهدت السعودية بأنها من ستقوم بذلك ولم تف بوعدها فيما بعد حيث قال الرئيس الراحل صدام حسين بحسه الثاقب : اذا قدمت السعودية لليمنيين ما يفيدهم فنحن العرب مستعدين أن نطالب بأن تكون الرياض هي عاصمة اليمن وهو محق في قوله هذا فمنذ تدخل النظام السعودي في اليمن بعد انسحاب القوات المصرية في نوفمبر عام 1967م وتسليم الرئيس جمال عبد الناصر الملف اليمني للملك السعودي الراحل فيصل بن عبد العزيز في الخرطوم بجمهورية السودان عقب انعقاد القمة العربية التي عرفت بقمة اللاءات الثلاث وهي : لاصلح ولا تفاوض ولا اعتراف باسرائيل لم تقم لليمن قائمة ولم يهدأ فيها الوضع أو يستقر لا في الشمال ولا في الجنوب سابقا ولا حتى عقب اعادة تحقيق الوحدة وقيام الجمهورية اليمنية لأن السعودية بتعليمات من سيدتها امريكا كانت تنظر وما تزال إلى مايجري في اليمن بعين حمراء وبعين الريبة والشك ، وكل حاكم يمني كان يأتي لمسك زمام الأمور لا يخضع لتوجهاتها يلاقي مصير الانقلاب عليه أو القتل والشواهد على ذلك تؤكدها ارض الواقع إلى يومنا هذا.
أما السبب الثاني أقل أهمية بالنسبة للنظام السعودي فيتمثل في خشية السعودية من انتهاء الحرب فرضا عليها وهو ما سيترتب على ذلك من تحميلها المسؤولية الكاملة عنها كونها من أسست تحالف العدوان وقامت بالاعتداء غدرا ليلة 26 مارس عام 2015 م وإلزامها بدفع التعويضات بل ولا يستبعد ان تستدعي محكمة الجنايات الدولية الملك سلمان بن عبد العزيز وابنه محمد وتقديمهما للمحاكمة كمجرمي حرب ، إضافة الى الخلافات العميقة التي ستطفو الى السطح حتما بين اعضاء الأسرة السعودية الحاكمة ، وهي خلافات قد تطيح برؤوس كبيرة وربما بالنظام نفسه لأن عورته اصبحت ظاهرة ومعروفة للقاصي والداني كما تم كشف حقيقة هذا النظام الذي زرعته بريطانيا في 23 سبتمبر عام 1932م كخنجر مسموم لطعن الأمتين العربية والإسلامية من الخلف ، وهذا ما حدث فعلا ، فمنذ تأسيس هذا النظام وكل حكامه المتعاقبين عليه ينفذون السياسة البريطانية الاستعمارية: فرق تسد .. حيث لم يسلم منه أحد بما في ذلك جيرانه المقربون ولا توجد مشكلة أو قضية معقدة في العالمين العربي والإسلامي إلا ووراءها النظام السعودي الذي لم يكتف بتصدير الفتن إلى الشعوب ليتقاتل أبناؤها مع بعضهم البعض وهو يمول بالسلاح والمال لتغذيتها وزاد عليها أيضا اختراعه للفتن الطائفية والمذهبية التي قدمت الدين الإسلامي الحنيف للعالم على انه دين الذبح والقتل والإرهاب بهدف تشويه هذا الدين العظيم الذي جاء به النبي محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم عليه الصلاة والسلام بتعاليمه السمحاء والمرسل رحمة للعالمين فحكم معظم بلاد المعمورة بعدله وتسامحه وبما حمله للبشرية من هداية ورحمة اكثر من ألف عام .