سلسلة الجذور الطيبة.. قبيلة قيس عيلان – التوزيعات الشام
عبد الكبير هلال
بدأت هجرة القيسية إلى الشام في القرن الأول الهجري، وكان معظمها من قبائل (سُليم، بني عامر بن صعصعة، غطفان)، أما غطفان (عبس وذبيان)، (وعدوان وعقيل) فاستقرت في جنوب بلاد الشام (الأردن وفلسطين) ومنها قبيلة بني قيس الموجودة حاليا في الأردن وفلسطين، ومنهم أيضا قبيلة العدوان الذين سكنوا الأردن سنة 1620م وحاليا هي من أشهر القبائل الأردنية وأشهر قبائل البلقاء، ولعبت دورا هاما في تاريخ الأردن.
وأما بنو عامر بن صعصعة وسُليم فقد استقرت في منطقة حلب وامتدت إلى الجزيرة الفراتية ، كما جاء في موسوعة البدو (اختارت عبس وذبيان وعقيل غالباً أراضي بلاد الشام الجنوبية الأردن وفلسطين مكاناً لإقامتهم، بينما فضل العامريون والسلميون منطقة قنسرين العسكرية التي تعادل تقريبا ولاية حلب الحالية، وضفة الفرات) ، ورغم أن قبائل قيس لم تكن على وفاق دائم في الجزيرة العربية، إلا أنها توحدت في ديارها الجديدة ضد أعدائها واستعادت اسمها القديم (قيس)، ولعوامل سياسية دارت حروب بينها وبين تغلب وكلب يقودهم زفر بن الحارث الكلابي وعمير بن الحباب السلمي.. وفي هذا يقول الشاعر جرير للأخطل التغلبي: أنسيت يومك بالجزيرة بعدما .. كانت عواقبه عليك وبالا.. حملت عليك حماة (قيس) خيلها .. شعثا عوابس تحمل الأبطالا.. ما زلت تحسب كل شيء بعدهم .. خيلا تكر عليكم ورجالا.. زفر الرئيس أبو الهذيل أبادكم .. فسبى النساء وأحرز الأموالا.
وفي تاريخ ابن خلدون : “وبنو كعب بن ربيعة دخلت إلى الشام منهم قبائل عقيل وقشير وجريش وجعدة فانقرض الثلاثة في دولة الإسلام، ولم يبق إلا بنو عقيل.
وذكر ابن حزم: أنّ عددهم يفي عدد جميع مضر. فملك منهم الموصل بنو مالك بعد بني حمدان وتغلب، واستولوا عليها وعلى نواحيها وعلى حلب معها. ثم انقرض ملكهم ورجعوا للبادية، وورثوا مواطن العرب في كل جهة.
قال ابن سعيد : ومنازلهم بالجزيرة الفراتية ، مما يلي العراق ، ولهم عدد وكثرة . غلب منهم على الموصل وحلب في أوساط المائة الخامسة قريش بن بدران بن مقلد فملكها ، ثم ملكها من بعده ابنه مسلم ، وتَسَمَّى شرف الدولة، وتوالى الملك في عقبه إلى أن انقرضوا ورجعوا إلى البادية.
ولهم إمرة إلى الآن، وقد كانت فترة إمارة بني عُقيل 386-489هـ/966-1096م . وفي موسوعة البدو/ ماكس أوبنهايم : “كان قيسيو سهوب ضفة الفرات الغربية قد تحولوا إلى بدو رحّل حقيقيين، هذه الأنماط المختلفة من الحياة،عمقت من جديد الحدود الفاصلة بين القبائل ، التي كانت قد أمّحت منذ وقت طويل لدى القيسيين الآخرين، فانقسم قيسيو سوريا الشمالية في القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) إلى خمس قبائل مستقلة هي : نمير، كلاب، عقيل، قشير، والعجلان ( كلهم من بني عامر بن صعصعة)، عبرت معظمها الفرات في منتصف القرن الحالي وانتشرت في الجزيرة الشمالية.
انفردت كلاب بالبقاء في منطقتها بين حلب والرحبة، اختار بنو نمير القسم الغربي من البليخ ، والعقيل القسم الشرقي حول نصيبين، أما في الشتاء، فكانت القبيلتان تسيران كلتاهما نحو الجنوب، فتمر بنو نمير عبر الرقة مواكبة مجرى الفرات النازل، وتجتاز عقيل الجزيرة بالعرض في طريقها إلى العراق.
إن السلالة الحاكمة الأكثر شهرة التي أسسها هؤلاء، هي سلالة العقيليين التي تنحدر من فرع منها للقبيلة العقيلية عبادة والتي حكمت انطلاقاً من الموصل الجزيرة الشرقية ، وحكمت كذلك الجزيرة الغربية من حين لآخر: من سنة 380 هجرية / 990 ميلادية إلى نهاية القرن الحادي عشر، عندما وضع السلاجقة حداً لحكومتها.
بقي أمراء النميريين في بداياتهم على الأقل شأنهم في ذلك شأن أمراء العقيليين ، بدواً أقحاحاً ، رغم المنزلة التي احتلوها، لذلك سكنوا السهب بين قبائلهم ولم يقصدوا المدن إلا من أجل القيام بالواجبات الحكومية، أما سندهم السياسي فكان بنو مرداس في حلب ، الذين ربطتهم بهم علاقات مصاهرة لم تحظ سلالتا بنو وثاب وبنو عطير بشهرة مماثلة ، رغم أنهما خرجتا بدورهما من بني نمير ، وحكمتا حران وأورفة في الفترة ذاتها. كان وثاب ابن سابق النميري أبو السلالة الأولى . وقد توفي عام 410هـ / 1019م في حران، فحكم ابنه شبيب حران وسروج إلى عام 431هـ ، ثم حكم حفيده منيع ابن شبيب الرحبة أيضاً .
حافظ بنو وثاب على ملكهم حتى عام 474هـ/1081-1082م ، حيث أجبروا على إخلاء حران وتركها للعقيلي مسلم بن قريش مع سقوط السلالتين (النميريين عام 1081م- والعقيليين عام 1096م) فقدت قبيلتاهما أيضاً ، بنو نمير وعقيل ، أهميتهما . اقتصر وجود بني نمير على البليخ ، وانحلت قبيلة عقيل تماماً. أما العشيرة القيادية عبادة فقد هاجر الجزء الأكبر منها إلى العراق، وانكفأ قسم صغير منها على نفسه وانسحب إلى البليخ ، حيث لا نزال نعثر اليوم أيضاً على عبادة ونمير ، بوصفهما فخذين من الجيس يفترض هذا ، أنه كان لا يزال في العصور الوسطى المتأخرة بقايا من مهاجري الإسلام الأول ، حافظت على اسم قيس القديم (جيس) ، واستطاعت استيعاب القبيلتين في صفوفها.