تراث البادية.. تعرف على دور «فنجان القضايا» في مجالس البدو
أميرة جادو
تعد القهوة من أكثر الأشياء الموجودة بقوة في كافة المناسبات الاجتماعية عند العرب، مثل: الخطبة، وجلسات الصلح، والأفراح، وغيرها، كما يتم تناولها في طقوس معينة، حيث تمثل كل حركة فيها رمزًا له معنى والتي شكلت تراث يعكس ثقافة العرب، كما تضمنت تلك الطقوس العديد من الأسرار، والتي تعد من الأمور الحساسة بالنسبة للضيوف، الذين قد يغادرون مجلسك سريعًا في حال عدم التزامك بها.
ومن أهم المناسبات التي تتواجد بها القهوة بقوة، عند حدوث قضية بين طرفين فيتدخل طرف محايد للتوسط بينهما، وتبدأ الوساطة بأن يذهب هذا الوسيط إلى الطرف المتضرر أو المعتدي عليه طالبًا منه ( العطوة ) أي الهدنة المؤقتة، أو طالبًا منه الصلح وذلك حسب ظروف القضية ومراحلها.
وقد جرت العادات والتقاليد، بأن ترحب العشيرة المعتدي عليه بالوسطاء وتهيء لهم بيتا يليق بهم، وبعد أن يأخذ الوسطاء أماكنهم في الجلوس، يقوم أحد الحضور وغالبا ما يكون المضيف نفسه ويسكب فنجانا من القهوة يناوله إلى أكبر الوسطاء جاهًا وأعلاهم مركزًا اجتماعيًا، وإذا كانت مراكزهم الاجتماعية متساوية، فيتم تقديم القهوة إلى اكبرهم سناً ولكن هذا الوسيط يضع الفنجان امامه قائلًا (لا نشرب هذا الفنجان الا اذا اجيب طلب الجاهة)، وهنا تتنوع الردود فأحيانا يجيب كبير عشيرة المعتدى عليه بقوله (اشرب قهوتك وابشر باللي جبت الجاهة من اجله).
ومن المعروف أن هذا الشيخ يعرف مسبقًا هدف الجاهة، ويعد وقوله هذا إجابة للطلب الذي حضرت الجاهة من أجله مهما كان، وعند ذلك يشرب الوسيط القهوة، وتدار القهوة على بقية أفراد الجاهة اللذين يشربونها شاكرين للعشيرة المعتدى عليها حسن ضيافتها .
والجدير بالذكر، في مواقف أخرى تكون القضية التي حضرت الجاهة من أجلها مستعصية وهنا يضع الوسيط فنجان القهوة امامه ويبدا افراد الجاهة بالحديث مع كبير عشيرة المعتدى عليه وبعد أن يتوصل الجميع إلى حل مناسب مقبول يقول هذا الكبير (الله حیکم اشربوا قهوتكم وابشروا باللي جيتم من أجله) وهنا يشرب افراد الجاهة القهوة بعد أن أجيب طلبهم.