قبائل و عائلات
قبائل “كندة”.. نشأتهم وتاريخهم وسبب تسميتهم
أسماء صبحي
ظهر في الجزيرة العربية خلال العصر الجاهلي أو عصر ما قبل الإسلام، بعض الممالك والتي كان من بينهم مملكة تسمى مملكة كندة، تم تأسيسها في وسط شبه الجزيرة، وقد كان ملوكها من قبيلة كندة، وقد بسطت سيطرتها ونفوذها على دومة الجندل والبحرين، وكانت من الممالك الحيوية التي كان لها كبير الأثر في المنطقة.
سبب التسمية
يطلق على تلك المملكة أكثر من اسم، فهي مملكة كندة، أو قرية ذات كهل، أو قرية كدت، أو قريتم كهلم وقحطن، وهناك أكثر من رواية حول سبب تسمية المملكة بهذا الاسم، ومن بينها أنهاتعود للجد الأكبر لقبيلة كندة “ثور”، والذي ينتمي لأحد الأسر التي كانوا يعيشون في سبأ، والذي قيل بأنه كنّد بنعمة أبيه أي أنه كفر بنعمة أبيه وقد انتشر الحكم في سلالة ثور.
كما أن هناك رواية أخرى بأنه قيل بأن كلمة كندة تعني أعلى مكان بالجبل، وقد أثبتت الدراسات التاريخية بأن إقامتهم كانت في أعلى مكان في الجيل، وبشكل عام لم يعرف على وجه اليقين المعني الحقيقي لكندة، وهو الاسم الذي أطلق عليها، ولكن بشكل عام كانت القبيلة الحاكمة تعرف بكندة الملوك كما أطلق عليهم ذي جدن.
تاريخ نشأت المملكة
لا يمتلك المؤرخين الكثير من المعلومات حول القرية التي نشأت بها مملكة كندة، وهى قرية الفاو أو كاهل أو قحطن وكاهل وهو كبير آلهة قبيلة كندة، وبشكل عام أثبتت بعض الدراسات والحفريات أن تاريخ المملكة يمكن أن يعود إلى القرن الرابع قبل الميلادي والتي تنتمي إلى سبأ.
وأسس تلك المملكة الملك ثور والذي امتدت الملكية في نسله، حيث كانت المملكة هى التي تؤمن القوافل من اليمين إلى العراق وبلاد فارس، وتتمتع تلك المملكة بتاريخ يكتنفه بعض الغموض بسبب توفر القليل من المعلومات عنها، والذي تم استقائه من كتب التراث العربية القديمة، ولكن للأسف المعلومات التي تم استقائها من دراسة قرية الفاو موطن المملكة جاءت متعارضة مع ما تم تدوينه في الكتب.
وفي البداية، كانت المملكة تابعة لمملكة سبأ القديمة ثم انتقلوا بتأييدهم للحميريين، فكانوا ممن شاركوا في الحروب الدائرة في شبه الجزيرة العربية فقاتلوا المناذرة وتغلبوا عليهم، كما قاتلوا الأحباش في المرة الأولى وكان النصر من نصيب التحالف الذي قاتل الأحباش بما فيه ملوك كندة.
ولكن مع الهجوم الثاني للأحباش بعد حوالي ثلاثة عشر عام لم ينتهي القتال بالنصر وإنما بالخضوع إلى الهدنة وخاصة أنه مع هذا القتال حدث التصدع الثالث لسد مأرب، وظلت كندة على تبعيتها للحميريين حتى سقوطهم ثم بدأوا بالتحالف مع البيزنطيين.
ديانة قبائل كندة
وبالنسبة للديانة التي انتشرت في مملكة كندة، فقد كانوا وثنيين في البداية ثم وجدت بعض العلامات على اعتناقهم اليهودية، إلا أن هناك بعض النقوش والآثار التي تدل على أنهم دانوا بالمسيحية أو على الأقل الأجزاء الشمالية من المملكة كانت تدين بالمسيحية، وذلك بسبب العثور على دير هند الكبرى.
ويعتبر أخر الملوك أو المشايخ الذين تولوا المملكة متحدة هو الحارث بن عمرو الكندي، والذي ينتسب إليه الشاعر امرؤ القيس، حيث أنه بقتل الحارث مسممًا تفتت المملكة بسبب الخلاف بين أبنائه إلى عدد من الممالك الصغيرة التي تساقطت الواحدة تلو الأخرى، واستقرت البقية الباقية في فلسطين حتى ظهور الدعوة الإسلامية، حيث استمرت كندة التي تلعب دورها المؤثر بعد الإسلام كما كانت قبل الإسلام.
قبائل كندة
قام النسابة بتقسيم كندة إلى ثلاثة أقسام رئيسية، هم بنو معاوية الأكرمين، السكون والسكاسك حيث تنتمي إلى تلك الأقسام كافة قبائل كندة، ومع ظهور الإسلام ذابت تلك القبائل أو الفصائل بين الشعوب التي تتواجد في اليمن والمملكة والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان حاليًا.
وقد كانت قبائل كندة من القبائل التي قدمت للرسول صلّ الله عليه وسلم في عام الوفود للمبايعة وكان ذلك في القرن السابع الميلادي، ولم يخلو التاريخ الإسلامي من دورهم الذي لم يفقدوه كما كانوا في الجاهلية يلعبون الأدوار الحيوية، وظلوا على حالهم.
اللغة عند الكنديين
وجد التاريخيون عند دراسة الأطلال في قرية الفاو لغة على الجدران سموه لغة شبه سبئية وكذلك نقوش النمارة والتي تعتبر شبيهة إلى حد كبير باللغة العربية، وقد لوحظ أن النقوش المستخدمة في قرية الفاو بها أوجه من الاختلاف عن ما تم استخدامه في سد مأرب وصنعاء، كما أن أسماء ملوكهم لا تشبه أسماء الحميريين مما ساعد على التعرف على أن لغتهم مختلفة.
وأخيرًا هناك نقوش دير هند الكبرى والذي كانت اللغة التي تم النقش بها هي العربية، مما ساعد على التأكيد على أن اللغة التي كان يتحدثها أهل كندة هي اللغة العربية.
مشاهير كندة
عرف مجموعة من المشاهير ينتمون إلى كندة كان منهم أبو الطيب المتنبي، و امرؤ القيس، والشاعر المقنع الكندي في عصر الأمويين، ورجاء بن حبوة مستشار سليمان بن عبد الملك، وكذلك ابن خلدون الحضرمي، والراهب عبد المسيح الكندي.
أما الصحابة المعروفين من كندة فنجد المقداد بن الأسود، والأشعث بن قيس، وهانئ بن يزيد.