قبيلة “الباجاو” المنعزلة.. بدو البحر لا يعرفون اليابسة
أميرة جادو
يتمكن الإنسان من التأقلم والتفاهم مع الأخرين بسهولة، ففي النهاية تجمعنا صفات الإنسانية المشتركة، ولكن هناك قبيلة لا يتعاملون سوى مع الأسماك والبحار يفهمون في لغة الأسماك وأرواح البحار ولا يفهون حياة البشر خارجهم، حياتهم يقضونها كاملة في البحر وبمجرد خروجهم إلى اليابسة يشعرون وكأن أرواحهم تسلب منهم حتى أن ملمس الأرض غير محبب لهم، قد يكون مشهد تخيلي في أحد أفلام الفانتازيا والخيال ” بشر لا يفهون سوى الأسماك” ولكنهم حقيقة فهم أبناء قبيلة “الباجاو”.
انتشرت العديد من الروايات عن سر أبناء القبيلة الذين يعيشون في المياه، والتي أصبحت الحياة على الأرض اليابسة شبه مستحيلة، فهم منعزلين عن البشر منذ ولادتهم ولا يلتقون بأي فرد من خارج القبيلة، إلا في حالات نادرة وخاصة بكبار القبيلة أطلق عليهم لقب ” بدو البحر” لانهم يسكنون في بيوت في وسط البحر ومقامة على أعواد خشبية ووسيلة تنقلهم القوارب الخشبية الصغيرة ويعتمدون على الصيد مصدر رزق وطعام لهم.
أسطورة قبيلة باجاو
وتحكي الأسطورة عن تاريخ القبيلة، حيث يعود أصلهم إلى شعب كان يسكن اليابسة ويحكمهم ملك غرقت ابنته في البحر، فحكم عليهم بالبحث عنها وعندما فشلوا في العثور عليها قرروا البقاء في البحر خوفا من الملك، وهناك رواية أخرى عن سبب بقائهم في البحر أن هناك رجل ضخم يدعى ” باجاو” أمر شعبه باللحاق به في رحلة بحرية لأن البحر ستفيض ببركتها مما يسهل عملية الصيد بالنسبة لهم فاستقروا فيه.
حقيقة قبيلة باجاو
وبالرغم من وجود العديد من الروايات المختلفة عن أصل القبيلة، إلا أنهم في النهاية تم اكتشاف حقيقة أصل القبيلة بواسطة الرحالة البريطاني ” أنطونيو بيجافيتا” عام 1521 وذكر في كتابه “رحلة ماجلان حول العالم” بأنهم اشتهروا بالقرصنة وتجارة العبيد خلال فترة الاحتلال الأوروبي لآسيا فهم يعيشون في مناطق جنوب آسيا تحديدا في إندونيسيا والفلبين وماليزيا ولا يتعدى تعداد هذا الشعب المليون نسمة.
وبسبب لارتباطهم بالبحار، فهم يتميزون بالعديد من الخصائص النادرة، بداية من قدرتهم على الغوص تحت الماء وحبس أنفاسهم لأكثر من 15 دقيقة فالشخص الطبيعي يمكنه حبس أنفاسه تحت الماء بضعة ثوان والمميز يمكنه الاستغناء عن الأكسجين لدقيقتين كحد أقصى ولكن أفراد قبائل “الباجاو” لديهم القدرة على البقاء تحت الماء لأكثر من ربع ساعة وعلى عمق يزيد عن 200 قدم.
وتستمر هذه العلاقة المعقدة مع البحر حتى تصل إلى معتقداتهم، حيث يسعون دائمًا إلى إرضاء ” أرواح البحر” والتي إذا غضبت عليهم يكون عقابهم في خطف روح ابن من أبنائهم ولذلك عليهم احترامها اثناء الصيد مصدر رزقهم وعملهم الأوحد الذي لا يعلمون غيره.
والصيد بالنسبة لهم ليست هواية أو مصدر رزق لهم بل هو مدرستهم وحياتهم أيضًا، فأبناء القبيلة لا يذهبون إلى المدرسة ولا يتعلمون القراءة والكتابة، ولكنهم وبمجرد إتمام الطفل عامه الخامس يبدأ في مدرسة الصيد فيتعلم الغوص والتدريب على صيد السمك عن طريق الغطس والرماح اليدوية، كما يتعلمون صناعة القوارب وعند إتمام الطفل عامه العاشر يبدأ التدريب على صيد الأسماك الخطرة والغوص في أعماق اكبر مختلفة.
والجدير بالذكر، يستمر الابن في الغطس مهما تقدم به العمر وطالما في صدره أنفاس متبقية فهي مصدر رزقهم وطريقة كسب عيشهم ولا يعلمون غيرها فهم يعتمدون على ما يصطادونه من اسماك وأصداف لؤلؤ وخيار البحر غالي الثمن في تأمين احتياجاتهم عن طريق المقايضة للحصول على الأرز والطعام مع سكان اليابسة الأقرب إليهم فهم لا يعرفون النقود أو التجارة.