محاكم البدو.. تعرف على “الزيادي” قاضي المال في القضاء العرفي
أميرة جادو
يحكم البدو قضاة من خواصِّ رجالهم، يحكمون بينهم بالعرف والعادة، فيتميزون بتمسكهم واخلاصهم للعادات والتقاليد الموروثة، حيث يتمسك أبناء القبائل بالقضاء العرفي، فهو السائد بين البدو والحضر، فبرغم تطور الحياة والحضارة، ورغم وجود المحاكم التابعة للسلطة القضائية الحكومية، إلا أن أبناء البدو لا يلجأون إليها إلا نادراً وفي حالات الضرورة القصوى، أو إذا كان أحد أطراف الخصومة من غير قبائل البدو.
ولقد عرفت القبائل العربية القضاء منذ بدايتها، وبالتالي فإنها وضعت لهذا القضاء قواعد وهي وإن كانت غير مكتوبـة، إلا أنها سائدة بينهم سيادة القانون لدى الأمم المتمدنة، وأن هذه القواعد والقوانين العرفية ليست وليدة ساعة من الزمن، أو من وضع رجل واحد وإنما هي وليـدة الماضي بأكمله، وخلاصة سلسلة من التجارب توارثها الأبناء عن الآباء، وتـم صيانتها والحفاظ عليها جيلاً بعد جيل.
كما أن هناك أنواع عديدة من القضاة بين البدو، وهناك قضاة ينظرون في قضايا بسيطة لا تتطلب اختصاصًا قضائيًا خاصًا لأنها تنتمي إلى قضايا يعرفها البدو عامة، قضاة الاختصاص حيث يختص القاضي بالنظر في نوع معين من القضايا التي يحتاج البت بها إلى المعرفة والخبرة التي لا تتوفر في القضاة العاديين، ومن بين القضاة المختصين هو الزيادي.
الزيادي
وهو قاضي المتخصص في الحكم بقضايا الإبل، حثي يقضي في أمور سرقتها ووثاقها وكل ما يتعلق بها، كما يختص في الأمور المالية التي يزيد حقها عن ثمنها، أو تتضاعف غرامتها، وهو أوسع صلاحية من قاضي المال الضريبي، حيث تحال إليه القضايا كالاختلاف على تجارة الإبل، أو سرقتها، أو تغيير وسوم الأبل، أو العداية، أو الوساقة دون وجه حق.
وقد عرف هذا النوع من القضاة عند قبيلة “الترابين” من أهل البادية، فإذا كان لشخص ما حقوق مالية قبل شخص آخر، ولم يوافق على سداد ورد الدين للدائن، في هذه الحالة أن يحضر معه خمسة رجال ويتوجه برفقتهم إلى المدين، ويطلق على هذا الوفد اسم “البدوة” ويطلب الدائن حقه من المدين في حضورهم.
فإذا رفض المديون وامتنع عن رد الدين، أشهدهم على ذلك، كما يشهدهم على رفضه الذهاب إلى القاضي، وعندئذ يعين شاهد من الوفد، وحينئذ يكون للدائن الحق في مصادرة مال المدين بالطريقة التي تحلو له، وهذا يسمى “بالوثاقة”، أو الرهن.
والجدير بالذكر، يختص الزيادي في القضية التي تلحق مرتكبها زيادة عن قيمتها نظراً لارتكابه الآثم. أو وقع فيما يعرك ويدرك في مفهوم البدو , فاذا قرر الضريبي أن هذه المسألة تعرك وتدرك رفعها إلى القاضي “الزيادي” ليحدد قيمة الغرامة وحكم الزيود في سرقة الأموال “كالدراهم والأغنام والأسلحة” نافذ لا مرد له.