تاريخ ومزارات

لعزل النساء..”المشربية زخرفة ضوئية وجمالية 

دعاء رحيل

كان بداية ظهور المشربية في التراث المعماري الشرقي في القرن الرابع عشر ميلادي. وكان القصد منها مزدوجا : أولا ، لحجب داخل المنزل عن خارجه، ذلك أن معظم البيوت كانت تبنى قرب طريق عام مما أوجب ان يقام حاجب ما بين المارة وسكان المنزل. وهو ما يعبر عنه اليوم معمارياً وتزويقياً بشباك له حاجب خشبي يفتح او يرفع وستارة في الداخل تمنع رؤية ما يجري في المنزل. وثانياً لحجب الشمس ولهيبها في اكثر البلدان العربية والاسلامية. وهذه الشمس قلما تغيب نهاراً خلال معظم ايام السنة. ثم ان المشربية الخشبية ليست حائطاً يمنع دخول بعض الاشعة والهواء.

زخرفة ضوئية

يتم تصميم المشربية بالأخص لآهل البيت، وخاصة النساء لتوادهم المسنمر في البيت أكثر من الرجال. من هنا تولدت لدى بعض الغربيين فكرة خاطئة بأن المشربية هي لعزل النساء. وترسخت هذه الفكرة طيلة أجيال في مخيلة البعض حتى سميت تلك الأجيال ” بعصر الحريم” ونُسجت حولها أساطير عما يجري وراء المشربيات.

 

وفي هذا السياق يذكر التاريخ أنه حينما نريد التحدث عن المشربية يتهمونك بالتأخر وانك تريد العودة الى عصر الحريم. فلا أحد يقدر قيمة المشربية. فخلف المشربية هناك الجدران وهناك السماء. إن انعكاس الألوان من خلال المشربية ينتج زخرفة رائعة مما يزيد في أهميتها . لي صديق كتب أطروحة عن المشربية . يقول : اذا أردت أن تقيِّم المشربية علميّاً هناك ناحيتان: الأولى هي أن المشربية نظارات تخفف لهيب الشمس، والثانية هي زخرفة. ووظيفة المشربية ضوئية وجمالية.

غياب المشربية

أما الأن كادت المشربية تغيب اليوم عن العمارة العربية الحديثة . فقد انجذب معماريوننا إلى الطراز الغربي فبنوا المباني الشاهقة التي تشيخ مع الزمن القصير ، أو الفيلايات الحديثة التي تذكرك بضواحي المدن الاوروبية او الاميركية واهملوا تطوير البيت العربي التقليدي . فالبيت العربي له خاصيته التي تختلف عن خاصية البيت الغربي. فهو مكان انطوائي صميم ذو ساحة داخلية او فناء تجتمع فيه العائلة بجميع افرادها، وتكوينه المعماري يختلف عن البيت الغربي.

قطعة مميزة

بالرغم من انتشار المشربية الكبير في العالم العربي والإسلامي، لم تكن حاجزاً يفصل بين الخارج والداخل، بل قطعة تواصل صنعت من خشب يمكن تبديله او تغييره ببساطة كلية اذا ما دعت الحاجة الى ذلك، وليس من حجر يغلق التواصل المطلوب بين ما في الداخل وما في الخارج. وفضلاً عن ذلك كانت المشربية وما زالت قطعة مميزة تضيف الي البيت الجميل جمالا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى