كتابنا

مصر المهابة

أيمن عفرة يكتب…

 

 

«إننا لا نملك الآن القوة الكافية لإعادة المصريين للخلف مرة أخرى».. إنه لم يكن مجرد «حدث عسكري رهيب» فقط وإنما تخطاه إلى كونه مأساة عاشت وستعيش معها حتى الموت.. «لقد وجدت نفسي فجأة أمام أعظم تهديد تعرضت له إسرائيل منذ قيامها، وقد انهارت معتقدات أساسية كانت راسخة لدينا في ذلك اليوم ومنها إيماننا المطلق بقدرتنا على منع المصريين من عبور قناة السويس»..«لقد تحدثنا أكثر من اللازم قبل السادس من أكتوبر وكان ذلك يمثل إحدى مشكلاتنا، فقد تعلم المصريون كيف يقاتلون، بينما تعلمنا نحن كيف نتكلم، لقد كانوا صبورين، كما كانت بياناتهم أكثر واقعية منا، كانوا يقولون ويعلنون الحقائق تمامًا حتى بدأ العالم الخارجي يتجه إلى الثقة بأقوالهم وبياناتهم»..«لاشك أن العرب قد خرجوا من الحرب منتصرين بينما نحن من ناحية الصورة والإحساس قد خرجنا ممزقين وضعفاء، وحينما سُئل السادات هل انتصرت في الحرب؟ أجاب انظروا إلى ما يجرى فى إسرائيل بعد الحرب وأنتم تعرفون الإجابة على هذا السؤال»… كل ما سبق جزء قليل من تصريحات قادة إسرائيل عن مرارة الهزيمة التي تعرض لها جيشهم الذي لا يقهر أمام الطوفان المصري في أكتوبر منذ 48 عاما مضت، ولا تزال الذكرى غصة في حلوقهم، فقد صرخت مائير وموشيه ديان وأهارون بارليف بالبكاء علانية من هول الجحيم المصري الذي فُتح على طول جبهة القناة.

 

كم كانت حرب أكتوبر المجيدة مبعث فخر لكل المصريين والعرب والمسلمين حتى يومنا هذا، ولمَ لا فقد كانت الصفعة مؤلمة والدرس داميًا والمعركة ملحمية والقتال شارة الكبرياء والعظمة المصرية، ها هو الجندي المصري الحقيقي الذي يخوض الحروب بقلوب يعمّرها الإيمان ويقاتل بضراوة الأسود ويتقدم بسرعة الريح، ليستعيد كرامته وكبريائه التي ظن الأعداء أنها لن تعود في القريب العاجل.

 

وتتجلى عظمة الرد المصري على الجبهة في أن الإسرائيليين لم يهنأوا يومًا واحدًا في سيناء، فقد نغّصت عليهم العمليات الفدائية الجريئة نومهم وحرمت جنودهم من الراحة ساعة واحدة، ثم كانت حرب الاستنزاف المجيدة والتي حولت سيناء لمسرح من النار لا يهدأ، وكانت خير معين على انتصار أكتوبر، بعدما أنهكت العدو والذي راح يتوارى خلف خط بارليف ظنًا منه أن العمليات سوف تتوقف، لكن أيامهم تحولت إلى جحيم لا يهدأ.

 

تحية لبطل العبور وصاحب القرار الرئيس الراحل المؤمن محمد أنور السادات، الذي تحمّل من العبء النفسي ومسئولية تنوء بها الجبال، وتحمّل أن يكون قائدًا لأمة جُرح كبرياؤها في الصميم ومطلوب منه أن يكون الرد قاسيًا والضربة موجعة تليق بدولة بحجم مصر وعراقتها وتاريخها وشعبها.

 

تحية لمن حمل الأمانة ونذر نفسه فداءً للوطن، تحية بقدر الحب إلى شهداء مصر الذين يرصّعون صحارى سيناء وينشرون فيها رائحة الجنة ولولاهم ما كنّا اليوم نعيش ونسعد في وطن شامخ ودولة قوية.. تحية لأبطال قواتنا المسلحة البواسل أصحاب العرس، فقد كانوا رجالًا صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر.. تحية وكل التحية للشعب المصري العظيم الذي وقف في ظهر قواته المسلحة وتحمّل الصعاب وشظف العيش من أجل أن يوفر لقواته المسلحة كل ما تحتاجه من أجل أن تحارب وتسترد الهيبة المصرية.

 

نحو 48 عامًا مضت على العبور الرهيب بطول جبهة سيناء لتحرير الأرض، التي مهّدت الطريق لنرى الجمهورية الجديدة في عصر الرئيس عبد الفتاح السيسي، ونحن نرى سيناء تتحول إلى جنة على الأرض وتنبت فيها الزروع والمشروعات والإعمار، لتتحول لمنطقة انطلاقة للاقتصاد القومي وتقطع الطريق أمام خفافيش الظلام الذين ظنوا أن سيناء ستصبح خاوية يرتع فيها من يشاء.

 

وفي هذه المناسبة العطرة أوجه كل التحية لأهلنا من أبناء سيناء والذين تعجز الذاكرة عن سرد تضحياتهم من أجل الوطن الأم، وكيف قاوموا المحتل وكيف ساعدوا قواتهم المسلحة من أجل النصر الكبير.. تحية لكل قبائل مصر التي كانت خير معين لجيشها المصري.. كل التحية والفخر لوطننا مصر.. عِشتِ يا مصر شامخة قوية عزيزة ومُهابة.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى