«عبدة لأروح الموتى».. قبيلة «البوشمن» الأكثر قدرة على التحمل في أفريقيا

أميرة جادو
تعيش هذه القبائل في جنوب إفريقيا منذ حوالي 22 ألف عام مما يجعلهم من أقدم المجموعات العرقية إن لم تكن الأقدم على الإطلاق في القارة السمراء، ويتواجد شعب البوشمن تحديدًا في صحراء كالاهاري الواقعة بين بتسوانا وناميبيا وجنوب أنجولا، ويبلغ عددهم الآن حوالي 82 ألف نسمة.
يختلفون عن الزنوج، في البشرة البنية وقصر القامة والجبهة البارزة والعيون الضيقة، وحتى عام 1950، لم يكن العالم يعرف شيئًا عنهم، حتى ظهر كتاب لورانس فان در بوست “مملكة كالاهاري المفقودة”، ولا يوجد اسم محدد يطلقونه على أنفسهم في لغتهم، البعض يطلق على نفسه اسم “الساي بوشمن” والتي تعني رجال الأحراش.
وأحيانا يطلقون على أنفسهم اسم “بالسان” أي الوافدين، وأطلق عليهم هذا الاسم من قبّل قبائل “الهوتنتوت” على الرغم من أن بعض البوشمن يعتبرون هذا الاسم مهينًا.
مشكلة الماء
مهما كان الأمر، فإن صحراء كالاهاري هي حاليًا الموطن الأساسي لبوشمن وتمتد من نهر أورانج في الجنوب إلى مستنقعات أوكافنجو وبحيرة نجامي في الشمال، وتعد هذه المنطقة إقليم ذو أنهار متغيرة وهطول أمطار متقطعة يختلف مقدارها اختلافًا كبيرًا من سنة إلى أخرى، واستمرار الحصول إمدادات المياه دائمة في هذه المنطقة غير مضمون، باستثناء البقع المنخفضة من مجاري الأنهار وفي المستنقعات المنخفضة والسهول الراكدة.
وتعد الحاجة إلى الماء هي العامل الأساسي الذي يتحكم في حركة البشر والحيوانات، لذا فإن الحصول على الماء، وليس الطعام، هو مشكلة حقيقية في هذه المناطق التي لا يتوجد فيها المياه بسهولة، حيث الأرض مغطاة بالأعشاب تتخللها الأدغال الشائكة وأشجار صغيرة من (الباوباب) ، لكن بقية البقاع لا يوجد بها ألا ساحات صغيرة متناثرة من عشب (البشمن)، وعدد قليل من شجيرات الأشواك المتناثرة وشجيرات السنط.
والبوشمن مبتكرون وماهرون جدًا في العثور على الماء وكثيراً ما يروون عطشهم بما يحوي البطيخ من الماء، لكنهم في بعض الأحيان قد يضطرون إلى الحصول عليه من بين حبيبات الرمل المبللة فيحفرون في الرمل حفرة ويرشقون فيها عدداً من قصب أجوف يلفون حول أحد طرفيه لفة من العشب اليابس ثم يمصون الماء إلى أعلى خلال العود.
تعتبر هذه الطريقة بطيئة ومتعبة، ويمكن أن تؤدي إلى تقرحات ودم على الشفاه، وذلك بسبب نقص الماء يخزنها البوشمن في بيض النعام أو في جزء من أمعاء حمار الوحش أو الحمار البري، حيث يقوم بحمل بيض النعام الذي يخزن فيه الماء في حقائب من الشباك ويزخرف بالتخطيط أو برسم صور الحيوانات أو مناظر تمثل صيدها وتصنع لكل واحد منها رقبة من الشمع، لذلك تعتبر قبيلة البوشمن من أكثر القبائل قدرة على التحمل في إفريقيا.
عبدة لأرواح الموتى
ويشتهر شعب البوشمن بعبادة أرواح الموتى إلى حد ما، علاوة على إيمانهم القوي بوجود إله خلق نفسه ثم خلق الأرض والماء والصحراء وهو إله صالحًا، إلا أن غضبته مخيفة ويسمونه هارا، كما يؤمنون بوجود إله أصغر منه مسؤول عن الشر والسحر الأسود.
فن الصيد
يخرج الصيادون فيما يشبه الحملة وأقاموا في عرض الوادي حواجز من الخوابير والأغصان تاركين فتحات تحفر أمامها حفر ليقع فيها الحيوان.
ويعتبر من الأعمال الشاقة والصعبة، خاصة أن البوشمن لا يمتلكون أدوات للحفر غير الكيبي أو عصا الحفر وهي لا تزيد على قطعة من الخشب يدبب أحد طرفيها ويحمى في النار ليزداد صلابة ثم تمرر الخشبة في حجر مثقوب يثبت في وسطها ليزيد ثقلها، فإذا تمت الاستعدادات، قام ضاربو الطبول بحملتهم الواسعة مبتدئين من الجهة الواقعة فوق اتجاه الريح فتهرب الحيوانات أمامهم نحو الحاجز ويكون هناك عدد من الصيادين قد اتخذوا أماكنهم قرب كل فتحة للقضاء على الحيوان بمجرد سقوطه في الحفرة.