المزيد

بطولة منسية.. المدمرة «إبراهيم» حرقت ميناء «حيفا» الإسرائيلي خلال العدوان الثلاثي على مصر

أميرة جادو

جاءت بداية العدوان الثلاثي على مصر واحتلال جزء من سيناء، في مساء يوم 29 أكتوبر عام 1956، بعدما أسقطت 16 طائرة نقل إسرائيلية تسمى «داكوتا» كتيبة مظلات قوامها 395 جنديا اسرائيليًا على مقربة من القوات المصرية بالقرب من ممر «متلا» وسط سيناء.

وفى صباح اليوم التالي 30 أكتوبر أرسلت قواتنا البحرية سرب زوارق طوربيد لحماية شواطئنا تدعمه الفرقاطة “طارق” لحراسة سواحل غزة في البحر الأبيض المتوسط، بينما تحرك سرب زوارق آخر في البحر الأحمر تدعمه الفرقاطة «أبوقير» لحمايته.

وفى مساء نفس اليوم وتحديدًا في الساعة 6.15 تلقت الحكومة المصرية إنذارا شديد اللهجة من بريطانيا تأمر بوقف التحركات القتالية برا وبحرا وجوا، بل انسحاب القوات المصرية من مواقع مواجهة القوات الإسرائيلية إلى الداخل مسافة عشرة أميال، بالإضافة إلى طلبها السماح للقوات الإنجليزية والفرنسية القابعة في البحر الأبيض المتوسط بالدخول في قناة السويس واحتلال المدن الثلاث السويس والإسماعيلية وبورسعيد بصفة مؤقتة لضمان الفصل بين القوات المصرية والإسرائيلية وبزعم تأمين حركة السير في قناة السويس.

وأمهلت بريطانيا مصر 12 ساعة للتنفيذ والرد أي في السادسة من صباح اليوم التالي وهو 31 أكتوبر.

انفجر غضب الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وبعد ساعتين بالضبط من تلقى هذا الإنذار أمر القوات البحرية بضرب الميناء الإسرائيلي «حيفا» ووقع الاختيار على المدمرة «إبراهيم» لأنها أحدث مدمرة تم صيانتها ومؤهلة للمهمة، وكان قائدها آنذاك الرائد حسن رشدي طمازين، وكان في عرض البحر عندما تلقى التعليمات بضرب ميناء حيفا.

هنا تكمن البطولة والانصياع للأوامر حتى لو بدا الأمر واضحًا أنها عملية انتحارية، فتلقى الأمر وتوجه لتنفيذه دون دعم جوى أو برى أو بحري لحمايته، بل إن الأكثر إدهاشا وتعجبا أن الرائد حسن توجه إلى ميناء حيفا على سواحل البحر الأبيض المتوسط الذي يملئه الأسطول الفرنسي، فكان بالشجاعة التي أذهلت أسطول العدو حتى إنهم لم يدركوا عند اقترابه منهم أنها مدمرة مصرية تخرج في مهمة قتالية ضدهم.

وتركوه يقترب وطالبوه بتعريف نفسه ولم يرد واقترب أكثر حتى أصبح ميناء حيفا في مرمى مدفعيته فأطلق عليه 220 قذيفة على سواحل الميناء وصهاريج البترول وترسانته فاحترق الميناء بالكامل وأضاءت الانفجارات سماء البحر الأبيض لمدة 25 دقيقة لينتهي القذف في 3.50 فجرا يوم 31 أكتوبر، أبلغ قادته بإتمام المهمة بنجاح واستأذنهم في العودة إلى ميناء بيروت نظرا لعدم وجود دعم لحمايته

بعد استيعاب الأسطول الفرنسي للأمر وإدراك قوات العدو لما حدث لهم في غفلة من الزمن ووسط ذهولهم بدأوا إطلاق القذائف نحوه من حيفا ومن أكبر مدمرة فرنسية تدعى «كيرسينت» حيث أطلقت على المدمرة «إبراهيم» 69 قذيفة ثقيلة ولكن الرعاية الإلهية كانت تحيط بهم، وخرجت المدمرتان الإسرائيليتان «يافو» و”ايلات” ليشتبكا معها، ومعهم الفرقاطة «سرنال».

وجاء ذلك بالإضافة إلى قذف الطائرات الإسرائيلية «اوراجان» وظلت المدمرة «إبراهيم» تتعامل معهم حتى صباح يوم 31، وحتى نفاذ ذخيرتها وأصيب محركها فوقفت في البحر دون حراك ولم يصلها أي دعم، فذهبت إليها أربعة لنشات طوربيد إسرائيلية لأسرها، فحاول قائدها إغراقها حتى لا تقع في الأسر ولكن الوقت لم يسعفه وتم أسر المدمرة وسحبها إلى ميناء حيفا بطاقمها المتبقي بعد استشهاد ثلاثة منهم وإصابة أربعة.

وفي عام 1957 ، تمت عمليات تبادل أسرى بين القوتين المصرية والإسرائيلية فعاد البطل حسن رشدي واستمر في البحرية حتى رتبة عقيد، وحتى انتهاء فترة خدمته كان مؤمنا بأنه كان يؤدى واجبه نحو الوطن، وهذه هي البطولة نفسها فقد أعطى القوات الإسرائيلية نموذجا يحتذي به في شجاعة الضابط والجندي المصري وإيمانه بالدفاع عن الوطن حتى أجبرهم على احترامهم رغم الخسائر التي كبدها لهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى