جبل كاترين.. هل تجلى عليه الله للنبى موسى؟
يعتبر جبل كاترين واحدًا من أبرز الجبال التي اكتسبت مكانة روحية في الديانات الإبراهيمية الثلاث: اليهودية والمسيحية والإسلام، نظرًا لارتباطه بأحداث دينية مفصلية، فهو الموقع الذي تلقى فيه النبي موسى الوصايا العشر وفق الرواية اليهودية، كما يحتضن دير سانت كاترين الذي يعد من أقدم الأديرة وأكثرها شهرةً تاريخيًا ودينيًا حول العالم، يقع هذا الدير عند سفح جبل موسى، المعروف أيضًا باسم جبل حوريب.
الجبل في اليهودية
تعد الديانة اليهودية الجبل ذاته هو المكان المذكور في العهد القديم، حيث أوحى الله للنبي موسى بالوصايا العشر، ويشار إليه في النصوص باسم “جبل طور سيناء” و”جبل التجلي”، وترد الرواية التوراتية للوصايا العشر في سفر الخروج، تحديدًا بين الإصحاحين 19 و24، بينما يذكر الجبل بالاسم في موضعين هما: خروج 19: 2 وخروج 24: 16.
كما تصف التوراة مشاهد مهيبة أحاطت بالجبل، حيث غمرته السحب، وارتج من الهيبة، وامتلأ بالدخان، وتعاقبت ومضات البرق، بينما اختلط صوت الرعد بأصوات الأبواق، ثم يرد وصف للنار التي كانت تشتعل فوق قمته، وتفسر هذه الظواهر باعتبارها تجلّي الرب على الجبل.
الجبل في الإسلام
ورد بالقرآن الكريم أن الله سبحانه وتعالى تجلى لنبيه موسى في هذا الوادي، وهو ما منحه مكانة مقدسة لدى المسلمين أيضًا، ويضم الموقع جبل الشريعة الذي يعتقد أنه الموضع الذي كلم فيه الله عز وجل نبيه موسى، حيث قال له: “إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى”.
وبحسب تصريحات خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، فإن الدراسات كافة أكدت أن هذا الموقع شهد تجليات إلهية، حيث أنار الله تعالى عند شجرة العليقة المقدسة – الموجودة حاليًا داخل دير سانت كاترين – لنبيه موسى خلال رحلته الأولى في سيناء.
كما تجلى سبحانه وتعالى له ولشعبه في رحلته الثانية للجبل، حتى دك الجبل كما جاء في قوله تعالى: “فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا”.
الجبل في المسيحية
شيد دير سانت كاترين عند سفح جبل سيناء في القرن السادس الميلادي، وتمت تسميته تيمنًا بالقديسة كاترين التي يعتقد أن رفاتها اكتشفت في المنطقة، ويحمل الدير اسمه الرسمي “دير الله المقدس لجبل سيناء”.
تم بناء الدير بأمر من الإمبراطور البيزنطي جستنيان الأول بين عامي 548 و565 ميلاديًا، ليكون مأوى للرهبان الذين عاشوا في شبه جزيرة سيناء منذ القرن الرابع الميلادي.
كما استشهدت القديسة كاترين في أوائل القرن الرابع، وحمل الدير اسمها بعد أن عثر على جسدها في القرن التاسع الميلادي عند جبل سانت كاترين، حيث يقال إن الملائكة نقلته بعد استشهادها.
معالم دير سانت كاترين
والجدير بالذكر أن الدير يضم مجموعة واسعة من المنشآت الدينية والتاريخية، أبرزها كنيسة تجلي السيد المسيح المخلص، والتي تحتوي وحدها على تسع كنائس أصغر، ومن بينها الكنيسة المحترقة التي يعتقد أنها الموضع الذي كلم فيه الله النبي موسى.
كما يضم الدير عشر كنائس إضافية، وأماكن سكن للرهبان، وقاعة للطعام، ومكبسًا لصنع زيت الزيتون، وصناديق لحفظ عظام الموتى، إضافة إلى مسجد فاطمي من القرن الثاني عشر الميلادين ويعتبر مكتبة الدير واحدة من أثمن المكتبات التاريخية عالميًا، إذ تحتوي على كتب نادرة ونحو 6000 مخطوطة فريدة.



