“سرابيط الخادم” .. قصة المعبد المنسي في سيناء اليهود حاولوا سرقته.. ومصر تركته فريسة للإهمال والنهب
أسماء صبحي
تقبع بشموخ مستمد من تاريخ عظيم للأجداد الفراعنة، الذين بسطوا نفوذهم وعدلهم بكل بقاع مصر، في وسط مدينة أبو زنيمة بمحافظة جنوب سيناء تربض منطقة «سرابيط الخادم» أهم المناطق الأثرية التي يحرص العديد من السائحين علي زيارتها خلال تواجدهم بمصر، تحتوي علي معبد للإلهة حتحور “ربة الفيروز ” وتحتاج هذه المنطقة الأثرية الي تضافر الجهود بين وزارتي السياحة والأثار لإعادة تأهيلها مزارا سياحيا عالميا.
معبد “سرابيط الخادم” هو معبد الآلهة “حتحور”، ويبعد عن مدينة أبو زنيمة حوالي 40 كم، ويقع فوق جبل سرابيط الخادم على إرتفاع 800 متر تقريبًا، في منطقة سرابيط الخادم على بعد 10 كم شمال غرب منطقة “وادي مغارة” وهى منطقة جبلية بعيدة ووعرة.
وتعتبر منطقة سرابيط الخادم أحد أهم المناطق الأثرية بجنوب سيناء وذلك لما تحويه من نقوش أثرية ترجع إلى عصر الدولة الوسطى والحديثة، وكذلك لما كشف بها من النقوش المعروفة بالنقوش السينائية والتي تعتبر أصل الأبجدية الحديثة، كما ترجع أهميتها أيضاً لما تحويه من مناجم الفيروز والتي تعتبر شاهد على مهارة المصري القديم في التعدين وإستخراج الأحجار الكريمة.
ومعبد الآلهة “حتحور” يحتوي على نقوش كثيرة والتي تعد توثيق لحملات التعدين التي أتت إلى هذه المنطقة، ويعتبر معبد سرابيط الخادم من المعابد الفريدة فى الحضارة المصرية القديمة ليس فقط من حيث التخطيط بل ومن حيث طبيعة الآثار والنقوش الموجودة به والخاصة بالموظفين وقادة حملات التعدين، والتي دفعت الباحثين إلى إطلاق إسم معبد “الشعب” على هذا المعبد.
ويبلغ طول المعبد حوالي 80 م وعرضه حوالى 40 م، ويمتد محوره من الشرق حيث يوجد قدس الأقداس إلى الغرب وينقسم بسبب الطبيعة الجغرافية إلى فنائين متجاورين الأول خاص بالدولة الحديثة والثاني خاص بالدولة الوسطى.
نشأة اللغة السينائية
خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بسيناء أكد أن معبد سرابيط الخادم مصرى 100% و لا علاقة له بتاريخ اليهود، نافيا جميع ما قاله الباحث الإسرائيلي “بتري ” حيث أن الكتابة التي توجد بالمعبد ويتحدث عنها بترى في دراسته أعتقد أنها كتابة مجهولة لها علاقة ببنى إسرائيل فهى الأبجدية السينائية المبكرة Proto- Sinatic Alphabet أي «الأبجدية الأم»، لأنها نشأت فى سيناء بين القرنين 20- 18 قبل الميلاد فى منطقة سرابيط الخادم ثم انتقلت إلى فلسطين فيما عرف بالأبجدية الكنعانية مابين القرنين 17 – 15 قبل الميلاد حتى انتقلت هذه الكتابة للأرض الفينيقية ورغم عثور الباحث على لوحة تؤكد مصرية هذا المعبد عليها خرطوش للملك تحتمس الثالث إلا أنه فسّر من خلالها برؤيته الإستعمارية عمارة المعبد بأنها لا علاقة لها بالعمارة فى مصر القديمة.
وأرجع “ريحان” سبب التسمية بسرابيط الخادم هو أن السربوط مفرد سرابيط تعنى عند أهل سيناء الصخرة الكبيرة القائمة بذاتها وهو ما يعرف بالأنصاب ومفردها نصب وكانت كل حملة تتجه لسيناء لتعدين الفيروز منذ الأسرة الثالثة وحتى الأسرة العشرون ينقشوا أخبارها على هذه الصخرة الكبيرة القائمة بذاتها الموجودة بالمعبد أما كلمة الخادم فلأن هناك أعمدة بالمعبد تشبه الخدم السود البشرة .
ويصف الدكتور ريحان المعبد بأنه يقع على قمة الجبل الذى يرتفع 300م عن المنطقة حوله طوله 80م وعرضه 35م وقد كرس لعبادة حتحور التى أطلق عليها فى النصوص المصرية القديمة (نبت مفكات) أى سيدة الفيروز، كما يضم المعبد قاعة لعبادة سوبد الذى أطلق عليه (نب سشمت) أى رب سيناء وبالمعبد هيكلين محفورين فى الصخر أحدهما خاص بالمعبودة حتحور وأقيم فى عهد الملك سنفرو والآخر خاص بالمعبود سوبد ومدخل المعبد تكتنفه لوحتان أحداهما من عصر رمسيس الثانى والأخرى من عصر الملك ست نخت أول ملوك أسرة 20 ويلى المدخل صرح شيد فى عصر تحتمس الثالث يؤدى لمجموعة من الأفنية المتعاقبة التى تتضمن الحجرات والمقاصير وقد شيد البعض منها دون إلتزام بتخطيط المعبد وهذا ما دعى بترى لإعتبار التخطيط مختلف عن المعابد المصرية القديمة فنسبه للمصطلح المبتدع السامية.
ونوه إلى أن تخطيط معبد سرابيط الخادم بهذا الشكل جاء نتيجة إستخدام عمال محليين من أهل سيناء خبرتهم قليلة فى هذا المجال كما أن طبيعة البناء فى هذا الموقع المرتفع فرضت تخطيطًا معينًا على المعبد وهذا ما لاحظناه فى كل الآثار المكتشفة بسيناء من أديرة وقلاع وقصور وكان للمعبد سور من الحجرالغير منحوت طوله 80م وعرضه 35م وكان بداخل هذا السور تسعة أنصاب، وخارجه فى طريق الهيكل من الغرب 12 نصب ومن هذه الأنصاب نصب من عهد أمنمحات الثالث أسرة 12وآخر لرمسيس الثانى (1304- 1237ق.م.) أسرة 19 ويحيط بكل نصب دائرة من الأحجار الغير منحوتة ويتراوح إرتفاع النصب ما بين 1.5 إلى 4م وكان ينقش على جانبيها أو جانب واحد منها أخبار حملات إستخراج الفيروز.
ويتابع الدكتور ريحان بأن المصريون القدماء كانوا يستخرجون الفيروز من منطقة سرابيط الخادم ومن منطقة المغارة القريبة منه ولا تزال حتى الآن بقايا عروق الفيروز التى إستخرجها المصريون القدماء وأرسلت البعثات لإستخراج الفيروز والنحاس من سيناء منذ عهد الدولة القديمة.
يوسف جمعة أحد سكان منطقة سرابيط الخادم قال إنه لم يطلق على سيناء أرض الفيروز من فراغ بل لأنها كانت مصدر الفيروز فى مصر القديمة حيث سجلت أخبار حملات تعدين الفيروزعلى صخور معبد سرابيط الخادم بسيناء الذى يبعد 268 كم عن القاهرة وعلى بعد 60 كم جنوب شرق أبو زنيمة.
وأكد جمعة أن منطقة سرابيط الخادم يقصدها العديد من السائحين ولكن المنطقة مهملة تماما، لم تلق أي إهتمام من وزارتي السياحة والأثار .
وقال يوسف إنه يعمل في مجال السفاري لافتا أن هناك أفواج سياحية تأتي خصيصا لزيارة هذه المنطقة رغم وعورة الوصول إليها فهم يستمتعون بركوب الجمال والسير في الصحراء ساعات حتي يصلوا إلى سرابيط الخادم هذا المكان الذي لا يعرف قيمته الأثرية الكثير من المصريين مطالبا بترميم المنطقة وتطويرها وإحيائها لوضعها علي الخريطة السياحية بجنوب سيناء.
الشيخ جمعة بركات من أهالي المنطقة طالب بالترويج للمنطقة سياحيا ووضعها علي الخريطة السياحية ورصف الطريق المؤدي اليه ورفع القيود علي مبيت السياح في المكان وتطويره وذلك لتوفير فرص عمل لسكان المنطقة .