المزيد

تاريخ أمراء المدينة المنورة

تاريخ أمراء المدينة المنورة

الإهداءإلى الحبيب المصطفى، أبي القاسم، أبي الزهراء، محمد بن عبد الله، النبي العربي الأمي صلى الله عليه وسلم، الذي اختار طيبة الطيبة عاصمة لدعوته الإسلامية، إيماناً بأهمية موقعها الجغرافي المتميز، ودور أهلها في نصرته ونصرة دعوته، فكان ذلك عن عبقرية فذة،

فكيف لا وهو لا يصدر إلا عن وحي يوحى. وإلى أهل طيبة الطيبة، الذين نصروا محمداً صلى الله عليه وسلم، وآووا المهاجرين الفارين بعقيدتهم ودينهم الجديد من مكة، وقاسموهم أموالهم وبيوتهم، فكانوا لهم وللدعوة الجديدة خير سند وعضد، وبعد أن تشرف ثرى طيبة الطيبة بالجسد الطاهر للنبي صلى الله عليه وسلم،

انطلقت جحافل الفتح الإسلامي من أمة محمد تنشر الدين الجديد في شرق الأرض وغربها. اللّهم احم طيبة الطيبة، وأهلها من كل أذىً ومكروه، وصلّ على حبيبنا محمدٍ وعلى أصحابه وآله الطاهرين إلى يوم الدين. 7 بسم الله الرحمن الرحيم مقدمةهذا هو الكتاب الثالث من سلسلة كتبنا، تواريخ المدن، حيث كان بداية هذه السلسلة: “تاريخ أمراء مكة المكرمة من سنة 8هـ – 1344هـ” ، ثم تلاه كتاب: تاريخ الحيرة في الجاهلية والإسلام “، نقدم اليوم للقارئ” تاريخ أُمراء المدينة المنورة في الجاهلية والإسلام حتى سنة 1417هـ”.

وقد قام منهج هذا الكتاب على مقدمة قصيرة حول تاريخ المدينة في الجاهلية، وبعض الأقوام التي سكنتها، ولم نثقل الكتاب بتفصيلات مسهبة حول ذلك التاريخ في الجاهلية، نظراً لعدم توفر مصادر دقيقة، سوى روايات متعددة، ومتضاربة في أغلب الأحيان، ولكننا عرجنا على أبرز الشخصيات التي حكمت المدينة قبل الإسلام، أو كان لها الدور الهام في الأحداث.

وأتبعنا تلك المقدمة بتراجم أمراء المدينة منذ الدعوة المحمدية، أي بداية الهجرة، وحتى بعد انتقال مقر الخلافة من المدينة إلى كل من الكوفة ودمشق، وبغداد، والقاهرة، وأخيراً القسطنطينية، ثم انضمام المدينة إلى الدولة السعودية بعد استسلام الهاشميين للقوات السعودية في سنة 1344هـ، وحتى اليوم. وقد واجهتنا عدة صعوبات في هذا البحث من أهمها: 1 – الخلل السياسي في الحجاز، وضعف سلطة الدولة المركزية، حيث سادت القوة مكان الشرعية،

وانعكاس ذلك على أمراء المدينة، الذي جعل الخلافات تصل إلى حد القتال فيما بينهم. وفي داخل الحرم النبوي ذاته، وانفراد بعضهم بالسلطة .. وانعكاس ذلك في النهاية على سكان المدينة في جميع مناحي حياتهم. 8 2 – الصعوبة الثانية: افتقارنا إلى المصادر التي تترجم لهؤلاء الأمراء، أو تحدد تواريخ حكمهم، وخاصة بعد سنة 923هـ، إثر الحكم العثماني للبلاد العربية وحتى حملة محمد علي باشا على الحجاز،

حيث أُتبعت المدينة إدارياً إلى سلطة شريف مكة الذي يعين القائم مقام، أو الأمير، والذي جعل تداخل السلطات ينعكس بآثاره السلبية على المدينة أيضاً. 3 – الصعوبة الثالثة: حدوث التداخل بين السلطات العامة في المدينة، خلال تلك الحقب التاريخية، فمرة يكون الأمير أو القائم مقام، أو وزير المدينة هو الشخصية الأولى،

وفي مرات أخرى كانت سلطة المفتي فوق ذلك، أو شيخ الحرم الذي كان بيده كافة السلطات السياسية، وفي مرات متعددة كان والي الحجاز له الهيمنة الأكثر، وفي مرات أخرى محافظ المدينة، أو قائد حامية المدينة، أو حاكم البلد، وفي إحدى المرات كان حاكم القلعة بيده كل مقاليد السلطة، ناهيك عن سلطة سلطان القاهرة أو أمير الحج الشامي أو المصري. مما اضطرنا إلى إفراد تراجم لهؤلاء الأشخاص إمَّا في بنية الكتاب الأساسية أو في ملاحق الكتاب.

وقد أمكن التغلب على بعض هذه الصعوبات بإجراء المقارنات بين تلك السلطات المتداخلة والتي نوهنا عنها في سياق الكتاب. وقد عاونتنا المصادر المحلية كتاريخ مكة والحجاز وبعض كتب الرحالة، والحوليات اليومية، وكتب الآثار، بالإضافة إلى كتب التاريخ الأصلية في إيضاح ذلك الغموض والتداخل. 4 – ولم نقم بتحليل للمصادر التي اعتمدنا عليها في بناء هذا الكتاب، بسبب أن لكل قرن من الزمن مصادره التي تختلف عن القرن الذي سبقه أو يلحقه،

وقد أثبتنا ذلك في الحواشي وفي جريدة المصادر والمراجع في ذيل الكتاب. والكتاب بشكل عام، يرسم أوضاع المدينة في الجاهلية والإسلام وحتى يومنا هذا، ويقدم لوحة شبه كاملة لكافة مناحي الحياة من خلال هؤلاء الأمراء ولا ندعي أننا أعطينا البحث كل عناصره، حيث ظلت بعض الثغرات والفجوات، بحاجة إلى الردم والسد، آملين أن تعاوننا المصادر الخطية التي لم نطلع عليها في المستقبل في تأمين ذلك. 9 والكتاب رغم كل ذلك خطوة متقدمة في إيضاح تاريخ المدينة المنورة السياسي والاقتصادي والثقافي،

وهو بحث غير مسبوق. وفي الختام أعطر الشكر والثناء للأخ الحسيب النسيب الشريف المؤلف المحقق أنس بن يعقوب الكتبي الحسني، عالم الأنساب في المدينة المنورة لما أسداه لي من معروف بتزويدي بصور العديد من المخطوطات التي لم أكن لأطلع عليها لولا تيسير الله، وتسهيله الأمر عبره،

وكذلك الأخ الشريف عبد الحميد زيني عقيل خبير الأنساب في مكة المكرمة الذي عَرَّفني على الأخ أنس، فلهما مرة أخرى خالص الشكر والثناء. راجياً أن يكون ثوابهما عند الله يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم، اللهم آمين.

راجياً أن يحظى هذا العمل برضى الله ورضى القارئ، معتذراً عما فاتتني معرفته أو زللت فيه، لأن فوق كل ذي علم عليم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة على سيدنا محمد سيد الخلق والمرسلين

. دمشق الشام في 24 صفر 1417هـ الموافق 10 تموز 1996م عارف أحمد عبدالغني

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى