مرأه بدوية

الكاهنة الداهية: آخر ملكات الأمازيغ وقائدة المقاومة في وجه الفتح

أسماء صبحي– الكاهنة الداهية أو “داهية بنت تيفانو”، من أبرز الشخصيات التاريخية في المغرب العربي خلال القرن السابع الميلادي. كانت زعيمة قبيلة جراوة في جبال الأوراس بالجزائر، وبرزت كقائدة سياسية وعسكرية واجهت التوسع الإسلامي في شمال أفريقيا. ورغم الجدل حول أصولها الدينية بين من يعتبرها يهودية ومن يراها وثني، فإن تأثيرها التاريخي ظل بارزًا حتى اليوم.

نشأة الكاهنة الداهية والخلفية القبلية

ولدت الكاهنة في منطقة الأوراس، وهي منطقة جبلية كانت عبر التاريخ مركزًا للقبائل الأمازيغية القوية. نشأت وسط قبيلة جراوة، التي اشتهرت بتمسكها باستقلالها السياسي وبقوة محاربيها. ومن صغرها أظهرت الكاهنة سمات القيادة إذ كانت صاحبة رأي نافذ في مجالس القبيلة، وتتمتع بذكاء سياسي وقدرة على التأثير.

الصعود إلى القيادة

مع ازدياد التهديدات التي واجهتها المنطقة نتيجة توسع الدول المحيطة برزت الكاهنة كقائدة موحدة للقبائل الأمازيغية. فكانت صاحبة رؤية واضحة، تدعو إلى حماية الأرض والحفاظ على هوية سكان شمال أفريقيا. وقدرتها على جمع القبائل تحت لواء واحد منحها قوة سياسية لم يصل إليها الكثير من زعماء عصرها.

مواجهة الفتح الإسلامي

عندما وصلت جيوش الفتح الإسلامي بقيادة حسان بن النعمان إلى شمال أفريقيا اتخذت الكاهنة موقفًا حازمًا بالمقاومة. واستطاعت في البداية أن تحقق انتصارًا كبيرًا، حيث انسحبت القوات الإسلامية مؤقتًا. مما جعلها تفرض نفوذها على المنطقة بالكامل لمدة خمس سنوات تقريبًا.

لكن انتصارها لم يدم طويلًا، فبعد أن أعاد المسلمون تنظيم صفوفهم، عادوا إلى المنطقة وتمكنوا هذه المرة من دحر قوات الكاهنة بعد معركة حاسمة قرب جبال الأوراس.

بين الأسطورة والتاريخ

تحولت الكاهنة إلى رمز للمقاومة في الذاكرة الشعبية المغاربية. فكثير من الروايات تتحدث عن حكمتها وشجاعتها وقدرتها على قيادة جيش كبير رغم الظروف الصعبة. وبعض القصص تصفها بأنها كانت تمتلك مهارات تنبؤية أو قدرات خاصة، وهي صفات أضفت عليها هالة أسطورية مع مرور الزمن.

ورغم أن نهايتها جاءت في ساحة القتال، فإنها تركت إرثًا يعكس قوة المرأة الأمازيغية ودورها في الدفاع عن الأرض.

يقول أحد الباحثين في تاريخ شمال أفريقيا، إن الكاهنة الداهية ليست مجرد شخصية عسكرية، بل رمز لكفاح الأمازيغ من أجل الحفاظ على استقلالهم. ودراسة سيرتها مهمة لفهم طبيعة الصراعات في المنطقة خلال القرن السابع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى