قبيلة آيت أوسا.. ذاكرة الصحراء وصانعة التاريخ المغربي
أسماء صبحي – قبيلة آيت أوسا من أبرز القبائل العربية في الصحراء المغربية. إذ تنتمي في أصولها إلى بني هلال وبني أوس من الأنصار وفق ما تتوارثه الروايات الشفوية. وهذا التنوع في النسب جعلها قبيلة جامعة تعكس مزيجًا من الهجرات العربية القديمة والأنساب المحلية لتصوغ هوية متفردة امتدت عبر القرون.
قبيلة آيت أوسا
يمتد المجال الجغرافي لآيت أوسا من وادي درعة شمالًا إلى الساقية الحمراء جنوبًا ومن المحيط الأطلسي غربًا إلى عمق الصحراء شرقًا. وقد جعلها هذا الامتداد على تماس مباشر مع قبائل كبرى مثل الركيبات وآيت لحسن وتجكانت. الأمر الذي فرض عليها بناء تحالفات وصراعات شكلت جزءًا من تاريخ الصحراء السياسي.
وتتميز القبيلة ببنية قبلية متماسكة تضم عدة فروع مترابطة، وهي بنية لعبت دورًا حاسمًا في الحفاظ على هويتها ومكانتها في مواجهة التحديات. وهذا التنظيم ساعدها على مواجهة الظروف الطبيعية القاسية، كما أتاح لها الدفاع عن مجالها أمام التهديدات الخارجية. وفي الوقت نفسه نقل التراث والعادات عبر الأجيال.
المقاومة ضد الاستعمار
لم يكن دور آيت أوسا مقتصرًا على الحياة القبلية، بل ارتبط باسمها تاريخ طويل من المقاومة. فقد انخرط رجالها في صفوف المجاهدين إلى جانب أحمد الهيبة في مواجهة القوات الفرنسية مطلع القرن العشرين. كما تصدت القبيلة لاحقًا للاستعمار الإسباني في طرفاية والسواحل الجنوبية، وقدمت شهداء وقادة بارزين تركوا بصماتهم في تاريخ الجهاد الوطني.
العلاقة مع المخزن
حافظت القبيلة على علاقة متوازنة مع السلطة المركزية المغربية،. حيث عمل المخزن على تعيين قادة من أبنائها لإدارة شؤون المناطق الجنوبية. وعززت هذه السياسة نفوذ الدولة في الصحراء، وفي المقابل منحت للقبيلة مكانة رسمية عززت من حضورها في المعادلة السياسية.
وبرز من آيت أوسا قادة وطنيون في جيش التحرير، ثم في القوات المسلحة الملكية من بينهم عيدة ولد تامك الذي تولى مهام قيادية في فترة حساسة من تاريخ الصحراء المغربية بعد الاستقلال. مما يعكس استمرار القبيلة في أداء أدوارها الوطنية.
الحياة الثقافية والاجتماعية
لا تزال آيت أوسا تحافظ على مواسمها الدينية والاحتفالية التي تقام سنويًا في مناطق الجنوب. وتشمل طقوس الذكر والمدائح النبوية والعادات التراثية. وهذه المناسبات تعزز الروابط بين أبنائها وتعيد إحياء الذاكرة الجماعية للقبيلة. كما ارتبط اقتصادها تاريخيًا بالرعي والتجارة الصحراوية قبل أن ينفتح أبناؤها على المدن بحثًا عن التعليم والعمل، مع بقاء ارتباطهم بأرضهم الأصلية.
حول أهمية القبيلة، يقول الدكتور عبد الرحمن الإدريسي، أستاذ الأنثروبولوجيا بجامعة الحسن الأول، إن قبيلة آيت أوسا ليست مجرد تجمع قبلي، بل هي ركيزة أساسية في تشكيل الهوية الصحراوية المغربية. فقد أسهمت في نشر العربية وحافظت على قيم البداوة الأصيلة، وفي الوقت نفسه شاركت بفاعلية في مسيرة المقاومة وبناء الدولة.



