حوارات و تقارير

“البهنسا”.. القرية المبروكة.. يُطلق عليها «بقيع مصر» الذي يضم رفات المئات من صحابة الرسول 

 

تضم رفات أبناء عم الرسول صلى الله عليه وسلم وأحفاد على بن أبى طالب وأبى بكر الصديق

دُفن بها أبناء عثمان بن عفان وأبو ذر الغفاري وعقبة بن نافع وخالد بن الوليد

تُزين شجرة مريم مقابر الصحابة في رمز إلهى للإخاء والمحبة بين المسلمين والمسيحيين

شهدت القرية معجزة ربانية حينما انحنت شجرة للسيد المسيح وأمه ليستظلان بأغصانها

رسالة عمر بن الخطاب:

“يا ابن العاص إذا أردتم فتح الصعيد فعليكم بالبهنسا وإهناسيا فإن سقطتا سقطت الروم”

استقر بها عدد من الصحابة انحدرت من نسلهم العديد من القبائل العربية

 

«البهنسا» إحدى قرى محافظة المنيا كغيرها من عشرات القرى إلا أنها تعد الأهم بين كل القرى المصرية، خاصة أنها تضم رفات المئات من الصحابة والتابعين الذين جاءوا إلى مصر إبان الفتح الإسلامي ودفنوا فيها، غير أنها تعد أيضا من أهم مقاصد السياحة الدينية في مصر سواء الإسلامية أو المسيحية

سبب التسمية

كانت القرية عند فتح مصر مدينة كبرى حصينة الأسوار، لها أربعة أبواب، ولكل باب ثلاثة أبراج، وكانت تحتوي على الكثير من الكنائس والقصور الفخمة، وكان لحاكمها الروماني “بطليموس” فتاة ذات حسن وجمال، ومن شدة جمالها أُطلق عليها “بهاء النسا”، ثم تحرف الاسم وأصبحت “بهنسا”.

موقعها الجغرافي

تقع “البهنسا” على بعد 16 كيلومترا غربا من مدينة بني مزار شمال مدينة المنيا، ولعل ذلك هو السبب في إطلاق اسم “بني مزار” على المدينة الحالية، فكانت تسمى قديما “باب المزار” باعتبارها المدخل لزيارة منطقة البهنسا الذي كان يطلق عليه “البقيع المصري” الشهيرة بكثرة المزارات الدينية، والتي يفوح عطر ترابها بدماء صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكرمت أرضها بأجسادهم باعتبارها البقيع الثاني بعد البقيع الأول الكائن بالمملكة العربية السعودية.

سبب تواجد الصحابة

عندما انتهى عمرو بن العاص من فتح مدن الوجه البحري بمصر؛ تحرك الجيش لفتح الصعيد؛ فأرسل إلى عمر بن الخطاب يطلب منه الإذن في السير لفتح الصعيد، فأشار عليه عمر بن الخطاب فقال “يا ابن العاص إذا أردتم فتح الصعيد فعليكم بـ”البهنسا” و”إهناسيا”؛ حيث يوجد بهما بطريرك ظالم يسفُك الدماء، وهما من أهم معاقل الروم، فإن سقطتا سقطت الروم، ولم تقم لهم قائمة بعد ذلك”.

فأرسل عمرو بن العاص جيشًا على رأسه قيس بن الحارث المرادي لفتح الـ”بهنسا”، وحاصرها وعسكر في قرية القيسي التي سُميت باسمه، ولما علمت الروم بذلك جمعت كل فلول حاميتها، وعندما اشتدت المعركة بين المسلمين والروم تم الدفع بقوات كبيرة من جيش المسلمين، وكان خالد بن الوليد على رأس إحدى السرايا، وعبدالله بن الزبير بن العوام، والمقداد بن الأسود، وضرار بن الأزور، وعقبة بن عامر الجهني، وفي النهاية انتصر المسلمون وتم فتح المدينة بعد هزيمة الروم.

ومن شدة المعركة سقط عدد كبير من الشهداء، وتم دفنهم بالمنطقة، والبعض منهم عاش واستقر بها، وانحدرت من نسله قبائل عربية مثل قبيلة غفار التي تنتمي إلى أبي ذر الغفاري، وقبيلة بني الزبير من نسل أبناء الزبير بن العوام.

 

أشهر من دفن بالقرية

تذكر الوثائق التاريخية أن القرية مدفون بها ألف من شهداء الفتوحات الإسلامية منهم 70 صحابيا “بدريا” أي ممن شاركوا في غزوة بدر أولى الغزوات الإسلامية، بالإضافة إلى وجود رفات أبناء عمومة الرسول “صلى الله عليه وسلم” والعديد من أبناء الخلفاء المسلمين والصحابة والتابعين ومن هؤلاء الشهداء رضوان الله عليهم أجمعين:

الفضل بن العباس بن عبدالمطلب الهاشمي، زياد بن أبي سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب الهاشمي، أبناء عُقيل وجعفر بن أبي طالب الهاشمي، الحسن الصالح بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، محمد بن عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق، محمد بن أبي ذر الغفاري، القعقاع بن عمرو التميمى، عبيدة بن عبادة بن الصامت، محمد بن عقبة بن نافع، سليمان بن خالد بن الوليد، أبان حفيد عثمان بن عفان، ﻤﻴﺴﺭﺓ ﺒﻥ ﻤﺴﺭﻭﻕ ﺍﻟﻌﺒسي، ﻤﺎﻟﻙ ﺍﻷﺸﻘﺭ الربيعي، وعبدالله بن المقداد بن الأسود، عبدالرزاق الأنصاري، ابن أبي دجانة الأنصاري، أبو مسعود الثقفي، كعب بن نائل السلمي، هاشم بن نوفل القرشي، عمارة بن عبدالدار الزُهري، أبو كلثوم الخزاعي، أبو سليمان الداراني، أبو زياد اليربوعي، صاغر بن فرقد، عبدالله بن سعيد، عبدالله بن حرملة، عبدالله بن النعمان، عبدالرحيم اللخمي، أبو سلمة الثقفي، مالك بن الحرث، أبو سراقة الجهني، أبو حذيفة اليماني، أبو العلاء الحضرمي، والصحابية الجليلة الشجاعة خولة بنت الأزور ﺷﻘﯿﻘﺔ اﻟﻔﺎرس العربي ﺿرار ﺑن الأزور التي كانت لها صولات وجولات في معركة أجنادين.

المعالم الأثرية

بالقرية يوجد معالم أثرية عديدة منها:

شجرة مريم

داخل ساحة مسجد “سيدي علي الجمام” الذى يحاط بمقابر الصحابة توجد “شجرة مريم” التي استظل تحتها السيد المسيح وأمه البتول السيدة مريم في رحلتهما المقدسة إلى صعيد مصر، ويؤكد المؤرخون أن تلك الشجرة لها قدسية عظيمة؛ حيث إنها انحنت بأغصانها حتى يستظلان بها، كما يوجد بجوارها بئر السيد المسيح والتي شرب الماء منها كليهما طوال فترة بقائهما، ولا تمثل تلك الشجرة موقعا أريا فقط بل تمثل رمزا للتآخي والتعايش بين المسلمين والمسيحيين منذ أقدم الأزمنة، ولم يصنعها أحد بل صنعها الله سبحانه وتعالى لتكون شاهدا لكل الأزمنة على ذلك.

أقدم مسجد بمصر

يعد مسجد ومقام (الحسن بن صالح بن زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب) حفيد رسول الله “صلى الله عليه وسلم” من أقدم المساجد بالقرية بل في مصر بأكملها.

 

قبة أبوسمرة

تنسب للصحابي “عبدالحي بن الحسن بن زين العابدين البهنسي المالكي”، وهي قبة ضخمة مقامة على تل أبو سمرة الأثري، وأجريت به أعمال حفائر البعثة الكويتية، وعثر على مائتي دينار ذهب من عصر الحاكم بأمر الله الفاطمي، وحفظت في متحف الفن الإسلامي، ويوجد أسفلها أحد القصور الذي يرجع تاريخه للعصر الفاطمي، وبها زاوية صلاة في مواجهة القبة من الناحية الجنوبية كانت تستخدم لتدريس المذاهب الأربعة.

ضريح السبع بنات

ينسب لسبع فتيات راهبات يقال إنهن كن يقمن بتقديم المساعدة الطبية للجرحى من مصابي جيش الفتح الإسلامى، وحينما علم جيش الرومان بذلك قام بذبحهن، ودارت حولهن عدة أساطير جعلت الأهالى يواظبون على زيارة ضريحهن.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى